العدد 1478 /15-9-2021

فجرت النائبة المسلمة زارا سلطانة النقاشَ حول العنصرية ضد المسلمين من داخل قاعات البرلمان، بمداخلة اختلطت فيها الدموع بالكلمات القوية لتظهر حجم العنصرية التي تتعرض لها النساء المسلمات، وتبيّن خطر التغاضي عن هذه الظاهرة.

يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحكومة البريطانية من أجل اعتماد تعريف رسمي للإسلاموفوبيا بعد تأخير دام أكثر من 3 سنوات.

وفي كلمة داخل لجنة مناقشة تعريف الإسلاموفوبيا، قدمت النائبة المسلمة الشابة نماذج عن الرسائل التي تتلقاها والتي تقطر بالعنصرية والتجريح والتحريض، مما أحدث حالة من التأثر والصدمة داخل هذه اللجنة البرلمانية وفي صفوف العديد من السياسيين البريطانيين.

ولم تقاوم النائبة البرلمانية البالغة من العمر 27 عاما دموعها وهي تتحدث عن كمّ الأحداث العنصرية التي تعرضت لها منذ وصولها للبرلمان ومشاركتها في النقاش العام.

معاناة المسلمين

تحدثت زارا سلطانة في مداخلتها التي دامت حوالي 6 قائق، عن حالة التوتر التي انتابتها لكونها امرأة مسلمة، تتقدم للانتخابات عن منطقة كوفنتري ساوث، وكيف سيتعامل معها الرأي العام "لأنني كبرت وأنا أرى الإساءات التي يتعرض لها المسلمون البريطانيون الذين وصلوا إلى مناصب عليا أو للبرلمان".

وبكثير من الحسرة اعترفت سلطانة بأنها كانت مخطئة عندما كانت تخبر المسلمات الشابات بأنه ليس عليهن القلق من النجاح داخل المجتمع، وبأن العقبات التي سيصادفنها هي نفسها العقبات التي تصادف بقية الفتيات من خلفيات ثقافية أخرى، ولكن "بعد فترتي القصيرة داخل البرلمان أود أن أعترف أن رحلتي ليست سهلة".

كلمة زارا سلطانة لقيت تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وشاهدها على صفحتها فقط أكثر من نصف مليون شخص في أقل من يومين، وفيها تظهر سلطانة وهي تقرأ مقتطفات من الرسائل التي تصلها من أشخاص معروفين بعد وصولها للبرلمان البريطاني سنة 2019.

ومن بين هذه النماذج رسالة تقول للنائبة المسلمة "أنت والمسلمون تمثلون خطرا حقيقيا على الإنسانية"، وآخر كتب لها "أنت سرطان أينما ذهبت وقريبا سوف تلفظك أوروبا"، وثالث يتهمها بأنها متعاطفة مع الإرهاب "وحثالة هذه الأرض ويجب تطهير العالم من أمثالها".

وهنا ستنهار النائبة المسلمة بالبكاء قبل أن تعلن اكتشافها أن "كوني سيدة مسلمة، وأن أتحدث في الفضاء العام، وأن أنتمي للتيار اليساري، كل هذا سيجعلني موضوعا بطوفان من الكراهية".

وبخيبة أمل كبيرة، قالت سلطانة إنها كانت في السابق تتمنى أن الأمور سوف تتحسن لكن "العكس هو الذي يحدث والأمور تزداد سوءا"، معبرة عن رفضها للاستخفاف الرسمي الذي يسم التعامل مع ظاهرة الكراهية ضد المسلمين "لأن الإسلاموفوبيا هي واقع حقيقي في بريطانيا ولا يمكن إخفاؤه".

ورغم كل هذه المعاناة فإن سلطانة أكدت أنها لن تسكت بعد الآن عن كل مظاهر العنصرية ضد المسلمين، وأنها تعلمت في هذا الوقت القصير من العمل السياسي "كيف تتعامل مع العنصرية وأن تفهم هذا التعصب النفسي الذي يكشف عن نفسه في أشكال مختلفة، والآن سوف أواجهه وأتحداه أينما كان".

وحذرت النائبة البرلمانية من أن السكوت عن العنصرية ضد المسلمين يجعل العنصريين يتمادون أكثر "إنهم ينشرون العنصرية تجاه الجميع من يهود وسود والغجر والمهاجرين واللاجئين ولن يتوقفوا أبدا".

وأشارت سلطانة إلى تصريحات سابقة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (اعتذر عنها فيما بعد) وصف فيها النساء المنقبات بأنهن شبيهات بصناديق البريد أو لصوص البنوك، معتبرة أن مثل هذه التصريحات تزيد من انتشار العنصرية.

أحدثت كلمة زارا سلطانة ضجة في صفوف السياسيين البريطانيين، خصوصا في صف النواب من المسلمين، وكذلك من حزب العمال، الذين اعتبروا أن سلطانة تحدثت باسم الكثير من النساء المسلمات ضحية الإسلاموفوبيا.

وكان أبرز من تفاعل مع هذا الخطاب زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن، الذي أثنى على كلمة سلطانة ووصفها بأنها "رائعة وشجاعة وهي رسالة قوة لكل من يحارب العنصرية بجميع أشكالها"، وكذلك فعلت النائبة كلوديا ويب المعروفة بدفاعها عن حقوق السود والتي غردت قائلة "شكرا لك زارا (سلطانة) على هذه الشجاعة والقوة، وهو خطاب يذكر بالكثير من الأمور، أنت تحدثين فارقا كبيرا".

وكذلك ذهبت الكثير من التغريدات لنواب برلمانيين، من بينهم أصغر نائبة في البرلمان البريطاني نادية ويثوم وغيرها، اعتبروا أن هذه الكلمة يجب أن تكون نقطة انطلاق للكشف عن كل مظاهر الإسلاموفوبيا التي تتعرض لها المسلمات على وجه الخصوص.

وتأتي أيضا في سياق تعبير عدد من البرلمانيين المسلمين وغير المسلمين عن خيبة أملهم فيما وصفوه بـ"التماطل" الذي تبديه الحكومة البريطانية في إقرار تعريف خاص بالإسلاموفوبيا لحد الآن، رغم إطلاق مشاورات بشأن هذا الموضوع منذ 3 سنوات، وتعيين مستشار خاص بتعريف الإسلاموفوبيا.