تأسست حركة حزب الشاي في الولايات المتحدة، عبر مجموعة من التوافقات والانتماءات المشتركة الفضفاضة التي كانت تجتمع في حفلات شرب الشاي في مجلس النواب ومجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، وضمّت أكثر الجمهوريين تطرّفاً، وأعلنت الحركة عن نفسها عبر مجموعة من الاحتجاجات السياسية في عام 2009، لتعرف منذ ذلك الحين باسم حركة «حزب الشاي».
يقول المحلل السياسي، مايكل جونز، الذي يعتبر من مؤسسي الحزب إنّ مصدر الاسم هو الاحتجاج الشعبي الذي نفذه الأميركيون عام 1773 على ضرائب فرضها البرلمان البريطاني على الشاي المستورد إلى المستعمرات الأميركية، حيث توسعت الاحتجاجات وأدت إلى تخريب صناديق الشاي المستوردة، والاستيلاء على سفن التاج البريطاني، ما أدى إلى إشعال شرارة الثورة الأميركية و حرب الاستقلال.
في الداخل، يمكن اختصارها بالليبرالية المتشدّدة، أي تأييد أيديولوجية السوق المتحرّرة من القيود بنسختها الأكثر تطرفاً. وفي الخارج، التشدّد في ما يسمّى الحرب على الإرهاب.
بنت أفكارها على آراء منظرين كبار، أمثال صموئيل هنتنغتون وبرنارد لويس، التي تقول إنّ العدوّ الأساسي للولايات المتحدة الأميركية بعد زوال الخطر الأحمر هو «التهديد الأخضر»، ممثلاً بالإسلام ديناً ومنظومةً حضارية مناوئة لمنظومة القيم الأميركية.
إنّ توجه «مكافحة الأسلمة» وتوجهات وقف أسلمة المجتمعات الغربية تعدّ مسلّمات ثابتة في أجندات الحركة. ومن اللافت أنّ هذه التوجهات تزدهر في عهد الرئيس ترامب بشكل غير مسبوق، إذ كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ جماعات الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة تضاعفت ثلاث مرات تقريباً منذ بداية العام. ولعبت حركة حزب الشاي دوراً قيادياً في امتطاء الموجة، شعارات عنصرية واضحة رفعت في مظاهرات «روح أميركا» والجو المعادي للمسلمين والعرب والمهاجرين.
نفوذ حزب الشاي اليوم في الإدارة الأميركية الترامبية معتبر، فنائب ترامب مايك بينس يصف نفسه بأنّه «مسيحي ومحافظ وجمهوري»، وهو من مؤسسي حركة حزب الشاي. كان له دور قيادي في حشد الشارع الأميركي المحافظ وتعبئته لمصلحة ترامب، كما نجح في هزيمة نائب كلينتون تيم كاين، في أكثر من مناظرة. ينطبق الأمر نفسه على أسماء كبيرة أخرى في الإدارة الجديدة، مثل ستيف بانون ومايك بومبيو وجيف سيشنز المحسوبين على جناح الصقور في الحزب الجمهوري والمجاهرين بتوجهاتهم العنصرية واليمينية. وفي مجلس النواب الأميركي، يشكل تجمع الحرية تكتلاً برلمانياً قوياً منبثقاً من تيار حزب الشاي، وممثلاً سياسياً له، وهو معروف بتأييده الكبير لترامب. وقد برز دورهم المؤثر أخيراً، في معركتهم من أجل إلغاء قانون الرعاية الصحية (أوباماكير) وعملهم الحثيث لحيازة عدد كاف من الأصوات للتمكّن من صدّ المشروع.
تستند قوة هذا اليمين اليوم، باعتباره جناحاً وفريقاً سياسياً على قواعد تمويلية ضخمة، ممثلة بلوبيات الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى اللوبي النفطي البالغ القوة في الداخل الأميركي، مضافاً إلى ذلك خبرتهم في مجال الدعاية السياسية والبربوغاندا والتحريض والتجييش الجماهيري والشعبي. وقد تمكنوا على سبيل المثال من إنشاء شبكة تواصل اجتماعي، باسم «مجتمع حزب الشاي» تكاد تكون منافسة لموقع «فيسبوك» في الداخل الأميركي.
تجد تجمعات اليمين الأميركية اليوم نفسها أمام فرصة ذهبية لتضع أفكار هنتنغتون وبرنارد لويس حول صراع الحضارات والتفاوت الثقافي والعرقي والحضاري وحتمية «الاستثنائية الأميركية» موضع التطبيق بشكل أكثر تطرفاً وتشدّداً، خصوصاً بعد عهد أوباما الذي وجدوه شديد «التساهل» والليبرالية إزاء مسائل الهجرة وحقوق الملونين والإسلام.
التوجهات المحافظة اليوم في أوج ازدهارها في الداخل الأميركي، وهي تعيش لحظتها حتى على المستوى الدولي، فكيف ستكون النتائج في ظلّ تجارب تاريخية سابقة، كان عنوانها العريض الفشل ومعاناة الشعوب؟}