العدد 1426 / 2-9-2020
حازم عياد

رغم التصارع الايراني الامريكي على الأرض العراقية، إلا أن التقارب بين بغداد وعمان والقاهرة حافظ على مساره طوال العامين الفائتين، وقبع الاقتصاد في قلبه؛ فرغبة عمان والقاهرة في الاستفادة من ثروة العراق الكبيرة، وحاجته للإعمار وتجديد البنية التحتية، فتحت بابًا واسعًا للقاهرة وعمان لتوسيع آفاقها الاقتصادية، والتخفف من الاعباء والقيود التي تفرضها الصراعات الإقليمية.

فالتعاون والانفتاح يعوض الاردن عن خسائرة المتراكمة في سوريا ومنطقة الخليج العربي؛ اذ لا يقتصر تأثير العراق على حدود الاقليم وإنما يمتد نحو القوى الاقتصادية الاوروبية والصينية والامريكية والهندية والتركية والايرانية، والتأخر عن الالتحاق بركبها سيعني خسارة صافية بالنسبة لعمان والقاهرة.

الاضطرابات السياسية في العراق والاحتجاجات وتبدل الحكومات، لم تقف حائلًا دون تطوير عمَّان لعلاقاتها مع بغداد؛ اذ استمرار التعاون مع بغداد، وتعزيزه في قمة ثلاثية أولى ضمت الاردن ومصر والعراق في القاهرة، حضرها رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، ثم تبعها قمة ثانية في نيويورك في ايلول الماضي 2019 حضرها الرئيس المصري والملك عبد الله الثاني والرئيس العراقي برهم صالح الذي زار عمان قبل ذلك بأشهر.

قمة عمان جاءت استكمالًا لجهود الاردن في تعزيز العلاقة مع العراق بالتركيز على البعد الاقتصادي الذي بقي حاضرًا في البيانات الختامية للقمم الثلاث؛ فالإعمار وانشاء مناطق صناعية حضر في المادة الرابعة والسادسة من قمة آذار في القاهرة 2019، وكان حاضرًا أيضًا في قمة نيويورك، ليعاد ويُؤكَّدَ في قمة عمان بإنشاء سكرتاريا تنفيذية دائمة لمتابعة مقررات القمم، والاتفاقات تستضيفها الدول الثلاث بشكل دوري؛ وهي تحظى بتشجيع امريكي على خلاف مجلس التعاون العربي الذي أسس قبل اكثر من 30 عاما، بحضور مبارك وصدام وصالح والملك حسين.

فرافعة العراق الاقتصادية عادت للعمل من جديد من البوابة الاردنية منذ العام 2017، بعد افتتاح معبر طريبيل بين الاردن والعراق، تبعها عقد اتفاقات تجارية قادها رئيس الوزراء العراقي الاسبق حيدر العبادي، واستفاد منها الأردن، لتفتح الآفاق على مد أنبوب نفط البصرة- العقبة، وعلى توقيع اتفاقات شراكة تم تفعيلها بزيارة الملك عبدالله الثاني لبغداد في كانون الثاني من العام 2019، أعقبها قمة وزارية ضمت رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، ورئيس الوزراء الاردني عمر الرزاز في معبر طريبيل في شباط فبرارير 2019، واتفق فيه على إنشاء منطقة صناعية بمساحة تصل إلى 24 كم مربع.

إنها القمة الثالثة بين قادة الدول الثلاث: الاردن ومصر والعراق، تم تفعيلها بعد هزيمة داعش، وانفتاح الآفاق على إمكانية إطلاق عملية إعمار واسعة في العراق.

قممٌ جاءت منسجمة مع التوجيهات الأمريكية لجذب العراق نحو عمقه العربي بعيدًا عن طهران؛ فأمريكا لا تمانع هذا التقارب، بل تشجع عليه، خصوصًا أنها فشلت في جذب السنة او مخاطبة العرب الشيعة، كما ان مشروعها في كردستان العراق تعثر بشكل كبير بعد فشل جهود الانفصال التي قادها مسعود بارازني.

لكنَّ الأهم من ذلك كله أن موقف الشارع العراقي والقوى السياسية العراقية من عمان والقاهرة أقل حساسية وعَدائية من الرياض وأبوظبي التي أَجَّل الكاظمي زيارتها أكثر من مرة؛ فعمَّان والقاهرة مقبولة أكثر في العراق من سائر الجيران؛ ما وَفَّر فرصة ثمينة لعمَّان لإنشاء تجمع اقتصادي يعزز من مكانتها، وحضورها السياسي في الاقليم من دون استفزاز، او تنافس مع القوى الإقليمية الأساسية في المنطقة، وعلى رأسها إيران والسعودية، وبرضى امريكي أيضًا.

فإذن؛ عمَّان العنوان الأكثر قَبولًا في المنطقة؛ ما شجع البلدان الثلاث على تشكيل سكرتاريا تنفيذية .