العدد 1398 / 29-1-2020

الرئيس تبون قال إنه سيركز على تحويل المنتجات الزراعية وتصديرها، وتفادي الاستثمارات الثقيلة التي تستهلك كثيرا من الوقت والجهد والمال

الخبير بوكحنون: لا يمكن تسيير الاقتصاد بإجراءات يغلب عليها الطابع الاجتماعي أو السياسي

الصحفي صواليلي: الخروج من حالة الاقتصاد المنهك يمر عبر ضمان إطار قانوني شفاف ومستقر متصل بمناخ الأعمال

يواجه الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، تركة اقتصادية ثقيلة ورثها عن سلفه عبد العزيز بوتفليقة، فضلا عن وضع سياسي مثقل بالمشاكل والعقبات.

وانتخب تبون، في رئاسيات 12 كانون الأول الماضي، وحاز على 58.13 بالمئة من أصوات الناخبين.

وعَيّن تبون، رئيس وزراء تكنوقراطي، هو عبد العزيز جرّاد، لقيادة الطاقم الحكومي، كما خلت التشكيلية الحكومية من الألوان السياسية، وغلب عليها طابع الكفاءات.

وعقب تكليفه صرح جرّاد، أن أولوية حكومته ستنصب على الشقين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال مواجهة مخلفات الأزمة النفطية، وانكماش اقتصاد الجزائر منذ أكثر من خمس سنوات.

وتعيش الجزائر أزمة اقتصادية منذ نهاية 2014، بسبب تهاوي أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.

نزيف في احتياطات النقد

ويعاني اقتصاد الجزائر من تبعية مفرطة لعائدات المحروقات (نفط وغاز) والتي تمثل نحو 93 بالمائة من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.

وتراجعت مداخيل الجزائر من النقد الأجنبي من 60 مليار دولار نهاية عام 2014، إلى 32 مليار دولار خلال احد عشر شهرا من 2019، وفق بيانات رسمية لإدارة الجمارك.

كما شهدت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي نزيفا حادا منذ 2014، حين تخطت 194 مليار دولار، وتتوقع السلطات وصولها إلى 52 مليار دولار نهاية العام الجاري.

وفي خضم الأزمة منح قانون الموازنة العامة الجزائري للعام 2020 الضوء الأخضر أمام الاستدانة الخارجية لتمويل مشاريع منتجة، لأول مرة منذ أكثر من عقد ونصف.

وتوقع قانون الموازنة العامة أيضا نسبة عجز بـ 7.2 بالمائة ما يعادل نحو 12 مليار دولار.

مهمة شاقة

واعترف الرئيس تبون، في أول مقابلة مع عدد من وسائل الإعلام الجزائرية، الحكومية منها والخاصة، يوم الأربعاء الماضي، أن إصلاح الاقتصاد المنهك.. مهمة شاقة.

وأشار إلى قرارات استعجالية اتخذت لتصحيح المسار الاقتصادي للبلاد، وسيتم اتخاذ أخرى على المديين القريب والمتوسط .

ووفق تبون، فإن اقتصاد الجزائر مبنى على الاستيراد الذي قتل الإنتاج المحلي، وأن البلاد تعيش اقتصادا غير خالق للثروة، وهو اقتصاد مسيس، والبلاد ليست بحاجة إليه اليوم.

وشدد على أن البلاد بحاجة لقاعدة صناعية صلبة، تعتمد على المؤسسات الناشئة المبتكرة، وإطار قانوني وتنظيمي مرن ومحفز على الاستثمار وإطلاق الأعمال.

واعترف تبون، بأن سياسات بوتفليقة، في شقها الاقتصادي لم تكن موفقة، وقال "التوجه القديم لم يأت بنتيجة".

وأوضح أنه سيركز كثيرا على القطاع الفلاحي (الزراعي) وخصوصا عمليات تحويل المنتجات الزراعية وتصديرها، وتفادي الاستثمارات الثقيلة، التي تستهلك كثيرا من الوقت والجهد والمال.

وأعلن تبون، بالمقابل أن قطاع تركيب وتجميع السيارات غير مجدٍ، وسيتم تدارك النقائص التي عرفها هذا القطاع.

وأطلقت الجزائر قبل بضع سنوات عشرات مصانع تركيب وتجميع السيارات، لكنها تحولت لاستيراد مقنع، وعدم تمكنها من انتاج صناعة مرافقة للأجزاء والوحدات محليا.

وحسب مراقبين فإن الأزمة الاقتصادية الجزائرية متعددة الأوجه، وتتلخص خصوصا في غياب أطر قانونية وتنظيمية واضحة ومحفزة، أثرت على بقية شُعب الاقتصاد، وإصلاحها سيكون البوابة لإصلاح اقتصادي شامل.

المشكلة في تسييس الاقتصاد

ويرى الخبير الاقتصادي الجزائري المدير العام الأسبق للرقابة وقمع الغش بوزارة التجارة، عبد الحميد بوكحنون، أن الخروج من حالة الاقتصاد المنهك التي تعيشها البلاد، يمر عبر إبعاد الاقتصاد عن التسيير السياسي.

ووفق بوكحنون، فإن القطاع الاقتصادي لطالما تم تسييسه، أي تسيير الاقتصاد بالسياسة وليس بالقواعد المتعارف عليها في المجال الاقتصادي.

وقال "يجب عدم تسييس العمل الاقتصادي، بحيث لا يمكن تسيير الاقتصاد الذي تحكمه قواعد محددة بإجراءات يغلب عليها الطابع الاجتماعي أو السياسي".

وأشار بوكحنون، إلى أن السلطات وجب عليها الاهتمام بالكوادر البشرية التي تسير البلاد، وتكوينها (تدريبها) في الشق الاقتصادي والتجاري، وأن تحظى بالأولوية من البلدية إلى رئاسة الجمهورية.

وشدد على أن الرئاسة والحكومة وجب عليهما محاربة البيروقراطية وثقل الإجراءات الإدارية التي تكبح الاستثمار والاقتصاد.

ودعا بوكحنون، السلطات إلى إعادة النظر في بعض الإجراءات التشريعية والتنظيمية المعرقلة للمستثمرين المحليين والأجانب، لاسيما تخفيف الإجراءات الإدارية للحصول على العقارات الصناعية والتراخيص الإدارية المعقدة لممارسة النشاطات الاقتصادية.