العدد 1518 /29-6-2022

كشفت مصادر مصرية خاصة عن اتصالات جرت أخيراً على المستوى الاستخباري بين مسؤولين مصريين وإيرانيين، جرى خلالها تناول ملفات تتعلق بأمن المنطقة.

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن "الاتصالات تضمنت تأكيداً من جانب المسؤولين المصريين على خطورة قيام الجانب الإيراني بأي عمليات تستهدف إسرائيليين في مصر، في إطار الصراع الاستخباري الدائر بين تل أبيب وطهران، في أعقاب سلسلة اغتيالات لعلماء وعناصر من الحرس الثوري في إيران، وأن أي محاولة في هذا الاتجاه من قبل إيران ستنهي الاتفاق بين الطرفين على عدم مساس أي منهما بالآخر".

وأوضحت المصادر أن "المسؤولين المصريين أبلغوا نظراءهم في إيران بأن مصر لن تقبل الزج بسمعة أمنها في الصراع الدائر بين تل أبيب وطهران، مع التأكيد على أن القاهرة رفضت طوال الفترة الماضية الانخراط في أي مشروعات عسكرية موجهة ضد إيران، إيماناً منها بعدم جدوى الدخول في أحلاف تستهدف أطرافاً بعينها".

وكشفت المصادر أن "التحذير المصري لطهران جاء بعد تسريبات حصلت عليها القاهرة من الجانب الإسرائيلي، تزعم دخول مصر والإمارات ضمن المناطق المرشحة لاستهداف إسرائيليين فيها، وذلك في أعقاب الإعلان عن نجاح التنسيق الإسرائيلي التركي في إحباط استهداف إسرائيليين على الأراضي التركية، وهو ما دفع الإيرانيين إلى التفكير في مناطق بديلة يستطيعون من خلالها رد اعتبارهم".

في المقابل، قالت المصادر إن "الجانب الإيراني أكد للمسؤولين المصريين كذب الادعاءات الإسرائيلية بشأن محاولات استهداف سياح إسرائيليين بدول ثالثة، وأن إيران حريصة على عدم الإضرار بحالة السلام مع مصر".

وأخيراً، كشفت وسائل إعلام تركية عن توقيف ثمانية أشخاص، بينهم خمسة إيرانيين، في إسطنبول، للاشتباه بتحضيرهم هجمات ضدّ إسرائيليين، وذلك في الوقت الذي أصدرت فيه إسرائيل تحذيراً من السفر إلى تركيا، بعدما تعهدت إيران بالرد على اغتيال ضابط كبير بالحرس الثوري يدعى حسن صياد خدايي.

من جهتها، وصفت إيران في بيان لوزارة خارجيتها، يوم الجمعة الماضي، الاتهامات الإسرائيلية لها بتحضير خطط لاستهداف سياح إسرائيليين في إسطنبول بـ"السخيفة"، ورأت أنها "تهدف للإضرار بعلاقاتها مع تركيا".

وفي سياق مختلف، قالت المصادر إن "الاتصالات الجديدة بين المصريين والإيرانيين، والتي تنحصر في المستوى الاستخباري، شهدت التأكيد على الموقف المصري (الراسخ) بشأن عدم تفضيل مصر لأي نهج صدامي مع إيران في المنطقة، مع إبداء القاهرة استعداداً للحفاظ على مستوى العلاقات بين البلدين عند مستواها الحالي من دون أي تقليص، وإمكانية زيادة مستوى التعاون مستقبلاً حال التزمت إيران بسياسة متوازنة تجاه شركاء مصر في الخليج".

وتأتي الاتصالات المصرية الإيرانية الأخيرة في وقت تسعى فيه كل من الإمارات والسعودية للتهدئة مع طهران وطي صفحة الخلافات، بالتوازي مع الدفع من قبل إسرائيل نحو تحالف إقليمي موجه ضد طهران.

واستبقت الإمارات أخيراً زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، والمقررة في منتصف يوليو/ تموز المقبل، بإعلان موقفها من التحالف العسكري الإقليمي مع إسرائيل، مشيرة في بيان حكومي نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأحد الماضي، إلى أنها "ليست طرفاً في أي تحالف عسكري إقليمي أو تعاون يستهدف أي دولة بعينها".

وجاء البيان الإماراتي بعد نحو أسبوعين من رسالة إيرانية للإمارات عبر وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، في منتصف يونيو/ حزيران الحالي، إذ قال في اتصال هاتفي مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد إن طهران "تعطي أولوية قصوى لتحسين العلاقات مع جيرانها"، داعياً إلى "مزيد من المشاورات للتوسع في العلاقات الثنائية" بين طهران وأبوظبي.

بالتزامن مع ذلك، استأنف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الوساطة التي تقودها بلاده لتقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، ضمن مفاوضات تجرى بين الطرفين في بغداد.

وقالت المصادر المصرية في هذا الصدد، إن "القاهرة، على الرغم من أزمتها الاقتصادية الراهنة، إلا أنها لا تفضل أن تكون ورقة في أيدي أي من القوى الخليجية تضغط بها على طهران"، مشيرة إلى أن "صانع القرار المصري يعمل دائماً بسياسة مسك العصا من المنتصف، وإن فشل فيها في بعض الأحيان تحت ضغط الاحتياجات الاقتصادية".

إلى ذلك، كشفت المصادر المصرية عن مسار جديد في الاتصالات المصرية الإيرانية على المستوى الأمني، قائلةً إن "التطمينات التي قدمتها القاهرة لطهران أخيراً بشأن عدم تبني أي مواقف عدائية ضدها، قابلتها مطالبة مصرية بإجراءات مماثلة متعلقة بملف جماعة الإخوان المسلمين".

وأوضحت المصادر أن "هناك قلقاً لدى القاهرة بشأن لقاءات بين مسؤولين إيرانيين وقيادات مصرية بارزة بجماعة الإخوان المسلمين"، لافتة إلى أن "هناك مخاوف مصرية من إمكانية تقديم طهران دعماً للجماعة، يساعدها على تعويض الدعم المفقود أخيراً في أعقاب المقاربات الإقليمية التي جرت، واضطرت خلالها أنقرة ودول أخرى لتخفيض مستوى دعمها للجماعة، التي يعتبرها النظام المصري الحالي عدوه الرئيس".