اقترحت 4 شخصيات عامة مصرية، 4 مبادرات لـ«عودة الروح» إلى السلم المجتمعي بمصالحة بين النظام وجماعة «الإخوان المسلمين»، بينها الاستفتاء الشعبي وتشكيل مجلس حكماء.
جاء ذلك، وفق أحاديث منفصلة أجرتها وكالة الأناضول، مع 4 شخصيات عامة، هي: المفكر فهمي هويدي، وزير العدل الأسبق أحمد مكي، السفير المتقاعد إبراهيم يسري، عضو لجنة المفاوضات المصرية لاستعادة طابا من «إسرائيل»، والسفير المتقاعد عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق.
والمبادرات الأربع، وفق تلك الشخصيات المصرية تتمثل في «هدنة وفتح نقاش مباشر مع الإخوان، وإجراء استفتاء شعبي، و إقامة مراجعات سريعة، وأخيراً تشكيل مجلس حكماء»، من أجل حلّ الأزمة السياسية بالبلاد.
ومنذ الانقلاب على محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً، في 3 تموز 2013، والبلاد تشهد أزمة سياسية وانقساماً مجتمعياً، وفق مراقبين.. لم تفلح معها مبادرات من سياسيين، ومبعوثين دوليين، بين نظام حالي يرفض عودة الإخوان للمشهد، وقسم يرفض بقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي في المشهد، الذي تعتبره نتيجة «انقلاب»، في مواجهة آخرين يرونه استجابة لـ«ثورة شعبية».
وفي شهر تشرين الأول الماضي، لمّح السيسي في مؤتمر الشباب بمنتجع شرم الشيخ، إلى إمكانية قبول «من لم تتلوث يده بالدماء» في المشهد المصري، دون أن يذكر اسم الجماعة.
وعندما سئل عن المصالحة مع الإخوان، أجاب السيسي بأن «المصالحة ليست قراري، هذا قرار دولة، وأنا أكثر واحد أتيحت له فرصة يوم الانقلاب على مرسي، والبيان الذى تم إصداره كان متزناً للغاية». وأضاف: «لم أطلب من أحد أن يغيّر أفكاره لأجلي، أنا أقبل كل الأفكار، لكن مارسوا أفكاركم (أي الإخوان) بدون ما تهدموا بلدكم».
وقبل أيام أصدر السيسي عفواً رئاسياً عن 82 شخصاً بينهم إخوان غير مشهورين، كمرحلة أولى. وجاء ذلك بالتزامن مع سلسلة من أحكام قضائية بإلغاء أحكام إعدام بحق قيادات من الجماعة ومحمد مرسي.
والأحد الماضي، سرعان ما واجه طرح إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان، بإمكانية القبول بتصور لمصالحة مشروطة من حكماء لحل الأزمة السياسية في مصر، بلاءات أربعة للجماعة جددت ما كانت تتمسك به على مدار ثلاث سنوات، وهي : «لا تنازل عن الشرعية، ولا تفريط في حق الشهداء والجرحى، ولا تنازل عن حق المعتقلين في الحرية وحق الشعب في الحياة الكريمة».
 هدنة ونقاش مباشر
المفكر المصري، فهمي هويدي، يقترح «هدنة» من جانب النظام تمهد لإتمام مصالحة وطنية في البلاد، بجانب فتح نقاش مباشر مع الإخوان. وقال هويدي: «المشكلة ليست فقط بين النظام والإخوان، ولكنها قضية الحريات العامة والديمقراطية والتعددية، فهذه مشكلة كبيرة» .
وحول رؤيته لإتمام مصالحة وطنية شاملة، أضاف: «المصالحة لا بدّ لها من إرادة سياسية ولا بدّ أن تكون لها مقدمات، على الأقل في ما يمكن أن نسميه بالهدنة، بمعنى قبل المصالحة لا بدّ هناك تهدئة».
ودعا المفكر المصري، هويدي، النظام لفتح نقاش مباشر مع الإخوان، مخاطباً إياه بقوله: « كلام إبراهيم منير(نائب مرشد الإخوان) اجتهاد، ولكن لابد أن تخاطب من في السجون، إما التحدث معهم أو أصدقاءهم».
المراجعات أولاً
أما القاضي المتقاعد أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، وأحد قضاة الاستقلال البازرين إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، يرى الحل في إجراء المسؤولين والجيش في البلاد والقوى المدنية لمراجعات سريعة لمواقفهم قبل الانخراط في أي حديث عن مصالحة.
وقال مكي: «أول شروط إتمام مصالحة هو أن يقتنع الجيش بأن يترك كثيراً من السلطة، والشرط الثاني أن يقتنع المدنيون بأنهم غير مؤهلين لتولي السلطة، وأنهم لن يستطيعوا أن يحكموا دون وجود للعسكر، وهذا ما يقوله التاريخ منذ 1952 وماقبلها، حيث إن العسكريين هم في صدارة المشهد والحكم المباشر».
وحول ما يمكن أن يقدمه الإخوان في الجانب الآخر لحلحلة الأزمة السياسية، تساءل: «كيف سنطلب من الإخوان التنازل، وهم ضحايا والطرف الأضعف، هل عرض النظام مبادرة عليهم ولم يعلقوا عليها؟» مجيباً: «لم يحدث، وعندما يحدث قد يمكن أن نطرح عليها إمكانية التنازل من جانبهم».
استفتاء شعبي
«الاستفتاء الشعبي» هو المبادرة الثالثة، يطرحها إبراهيم يسري، السفير المتقاعد، وأحد من كرمهم الرئيس السابق عدلي منصور، لدوره في اللجنة القومية لاسترداد طابا من «إسرائيل» عبر المفاوضات الدولية في 19 آذار 1989 .
وقال يسري إن «السياسة تعرف مصطلح التسوية لحل أي نزاع وليس المصالحة، ذلك التعبير القبلي الأهلي، وفيها يجلس الأطراف إلى طاولة مفاوضات، ودون الوصول إلى حل، فشل المفاوضات».
تشكيل مجلس حكماء
يذهب السفير المتقاعد عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون القانونية الدولية والمعاهدات والتخطيط السياسي، إلى أن المشهد المصري بحاجة سريعة إلى «تشكيل مجلس حكماء مكون من عشرة إلى 15 شخصية مصرية ليست منحازة لأي طرف من أطراف الأزمة، وتمثل قطاعات مختلفة من الشعب ومعروفة للمجتمع وبينهم ممثلون للشرطة والجيش».
وأضاف الأشعل: «هذا المجلس مهمته أن يقرأ بموضوعية المشهد المصري، ويجري محادثات مع جميع الأطراف بما فيها النظام والإخوان وغيرهم، ويخرج بعد ذلك بمبادئ تجمع ولا تفرق، وتنفذ الوطن مما هو فيه».
وأكد أن المصلحة المصرية تحتاج تسوية الصراع وليست حاجة للجماعة والنظام فقط.
وتحت عنوان «ضرورة إطلاق أي سجين إخوانى بريء»، طرح الكاتب عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية، في مقاله اليومي الثلاثاء الماضي، اقتراحاً بإطلاق سراح سجناء الإخوان الأبرياء لتخفيف الاحتقان. وأوضح أن «إطلاق سراح أي إخواني بريء سيصب في النهاية في صالح الحكومة وأجهزة الأمن، لأنه -أغلب الظن- سوف يخرج من السجن ليركز على حياته الخاصة وحياة أهله وأقاربه. وبالتالي سيخفف من الاحتقان الشديد الموجود في المجتمع.