العدد 1349 / 13-2-2019

عبد الكريم سليم

مع انطلاق قطار التعديلات الدستورية في مصر بما يسمح بتمديد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تشهد وسائل الإعلام المصرية منعا لكل الأصوات المعارضة للتعديلات، وبينما تزخر وسائل التواصل الاجتماعي بالجدل بين المؤيدين والمعارضين، يتحدث آخرون عما سموها "لعنة الدستور" التي أصابت رؤساء سابقين تلاعبوا بالدستور، والذي كان وبالا عليهم وفاتحة خير لآخرين.

وافقت اللجنة العامة بالبرلمان المصري الاثنين الماضي على مناقشة البرلمان تعديلات مقدمة من خمسة من أعضائه (120 عضوا) لتعديل الدستور بما يوسّع صلاحيات السيسي ويمدد ولايات بقائه بالسلطة، إلى جانب تعديلات أخرى اعتبرها مراقبون رشى لفئات بالمجتمع لتمرير التعديلات، وعلى رأسها الجيش الذي نصت التعديلات المقترحة على اعتباره حاميا للدستور ومدنية الدولة.

ويلزم لنفاذ التعديلات وإقرارها موافقة أغلبية الشعب في استفتاء، بعد موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.

لعنة الدستور

ولم يستفد رئيسان مصريان سابقان من تعديلات أجرياها لصالحهما، في حين استفاد آخرون من هذه التعديلات. فالرئيس الراحل أنور السادات أجرى بنهاية الثمانينات تعديلا لفتح مدد رئاسته بلا حد، ثم اغتيل على يد أحد ضباط جيشه أثناء عرض عسكري عقب إقرار التعديلات، ليستفيد منها خلفه حسني مبارك، الذي عدل الدستور منتصف العقد الماضي، فيما اعتبرته المعارضة تمهيدا لتنصيب ابنه خلفا له في الرئاسة، فأطاحت ثورة 25 كانون الثاني 2011 بأحلام الوالد والولد.

كما أصدر الرئيس المنتخب محمد مرسي إعلانا دستوريا يتضمن تنفيذ بعض أهداف ثورة 25 يناير، إلا أن المعارضة رفضته ودعت لمظاهرات، مما أدى إلى إلغاء الإعلان الدستوري، وهو ما يؤرخ له البعض ببداية الانقلاب العسكري الذي أطاح بمرسي في صيف 2013.

السيسي نفسه لم يستفد بمادة طلب وضعها حينما أشار -في تسجيلات صوتية مسربة- للصحفي المقرب منه ياسر رزق إلى ضرورة تدشين حملة لوضع مادة في دستور 2014 لتحصين منصب وزير الدفاع، وعودته إلى المنصب في حال عدم فوزه بالرئاسة، واستفاد بهذا النص خلفه في المنصب الفريق صدقي صبحي، الذي ظلت إقالته صعبة المنال أمام السيسي، حتى اضطر لإقالته ضمن تغيير وزاري قبل شهور، وأثار الجدل حول دستورية الإقالة من عدمها.

قلق من المستقبل

يعتقد زعيم حزب غد الثورة والمرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور أن التحليل السياسي، لا التخمين على سبيل التمني، هو ما يؤكد أن السيسي لن يستفيد بهذا التعديل، ليلحق بمن سبقوه ممن حاولوا "دسترة الاستبداد".

ويلفت البرلماني السابق أحمد جاد إلى أن السيسي يحاول تمرير التعديلات التي تضمن بقاءه في السلطة لأطول أمد، برشوة فئات في المجتمع كالنساء والأقباط عبر تخصيص حصة لهم في البرلمان.

ويتوقع جاد أن تستفيد هذه الفئات بتلك التعديلات، دون السيسي "الذي يكتب بهذه التعديلات نهاية حكمه"، بحسب وصفه.

ولفت إلى أن أكبر المستفيدين من التعديلات هي القوات المسلحة التي ستزيد سيطرتها على مقاليد الأمور في مصر، موضحا أن التعديلات تستهدف ترضية الجيش ليقبل باستمرار السيسي، مضيفا "هذا النظام لا يعبأ بدستور ولا يقيم وزنا لأي رضا شعبي، ويرى في نفسه أنه مبعوث العناية الإلهية والمخلص للشعب المصري، وليس من حق أحد أن يحاسبه".

بدوره، يعتقد نائب رئيس حزب الجبهة مجدي حمدان أن هذه التعديلات ستكون "وبالا على البلاد"، ولن تفيد أحدا، لا الدولة ولا السيسي.