العدد 1406 / 25-3-2020

افتقد قطاع غزة الصفة التي لازمته طيلة الفترة الماضية بخلوه من فيروس كورونا (كوفيد-19) بعد الكشف عن أول حالتي إصابة بالفيروس لمواطنين قادمين من باكستان، ويقبعان حاليا في الحجر الصحي.

ومنذ إعلان وكيل وزارة الصحة يوسف أبو الريش فجر اليوم الأحد عن حالتي الإصابة، تسود الخشية في أوساط المواطنين من تفشي الفيروس في القطاع الساحلي الصغير، الذي يعد أكثر مناطق العالم كثافة سكانية.

ويعاني القطاع المحاصر منذ منتصف العام 2007 من ضعف عام في مجال تقديم الخدمات الصحية ونقص في الأدوية والمستهلكات الطبية بنسبة عجز تصل إلى 45%، بحسب تقدير وزارة الصحة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

بلا مقومات

وقال المدير العام للرعاية الأولية في غزة مدحت عباس للجزيرة نت إن القطاع "منطقة هشة ويفتقر إلى أدنى مقومات الحياة بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد".

وأضاف "لدينا إمكانيات بسيطة، وقبل أزمة كورونا كنا ننادي دائما بزيادة المساعدات الطبية ولكن كانت الاستجابة محدودة، ولو لا قدر الله تفشى الفيروس وتم تسجيل أعداد كبيرة سنكون بحاجة إلى تدخل دولي".

وبحسب تقديرات مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة فإن "الوضع الصحي في قطاع غزة لديه القدرة على التعامل مع أول 100 حالة إصابة بالفيروس بطريقة جيدة، وبعد ذلك يحتاج إلى دعم خارجي".

وأوضح عباس أن "القطاع الصحي يمتلك 40 سريرا للعناية الفائقة في الوضع الطبيعي، ترتفع إلى 100 في أوقات الطوارئ".

خطط طوارئ

وحاول عباس طمأنة الناس في غزة، قائلا "لا داعي للرعب في هذه المرحلة، لدينا خطط معدة سلفا للتعامل مع حالة طوارئ، والأمور لا تزال تحت السيطرة".

وطالب الأمم المتحدة بالعمل على رفع الحصار الظالم عن القطاع وسرعة تلبية الاحتياجات العاجلة والطارئة من أجهزة التنفس والعناية المركزة والأدوية والمستهلكات الطبية والمستلزمات الوقائية.

واعتبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، جيمي ماكغولدريك أن وصول فيروس كورونا إلى قطاع غزة "قد يكون مخيفا نتيجة الاكتظاظ السكاني ومحدودية النظام الصحي".

وقال ماكغولدريك في حوار نشره الموقع الإخباري الرسمي للأمم المتحدة، قبل ساعات من الإعلان عن أول حالتي إصابة، "إننا قلقون حاليا فيما يتعلق بغزة، إنها منطقة معقدة، بسبب الحصار الطويل الأمد والقيود المفروضة التي تصعّب الأمور".

ورأى المسؤول الأممي أن وصول الفيروس إلى قطاع غزة سيحوله إلى "ما يشبه الحاضنة عندما يعلق الناس ضمن منطقة مكتظة بالسكان (..) والنظام الصحي فيها يعاني من نقص في التمويل وشح في الموارد والأجهزة".

ووفق الإمكانيات المتاحة، اتخذت السلطات المعنية في غزة سلسلة من الإجراءات الاحترازية المشددة.

ويقبع حاليا في 19 مركزا للحجر الصحي موزعة على مناطق قطاع غزة أكثر من 1270 شخصا، جرى حجرهم احترازيا إثر عودتهم من السفر.

إغلاق محال

وأعلنت وزارة الداخلية في غزة إغلاق جميع صالات الأفراح والأسواق الشعبية الأسبوعية ومنع إقامة بيوت العزاء والحفلات، وإغلاق المقاهي وصالات المطاعم، وتعطيل صلاة الجمعة، حتى إشعار آخر.

كما استمر إغلاق معبري رفح مع مصر وبيت حانون (إيرز) مع إسرائيل، بالإضافة إلى إغلاق المدارس والجامعات.

وبدا لافتا في مدينة غزة، كبرى مدن القطاع، تراجع حاد في الحركة وهدوء في الشوارع والميادين العامة، في حين شهدت المحال التجارية إقبالا من المواطنين للتزود بالطعام والمستلزمات المنزلية.

وحث وكيل وزارة الاقتصاد في غزة رشدي وادي في بيان رسمي، سكان القطاع على عدم التهافت على شراء المواد الغذائية، مطمئنا الجميع بتوفر مخزون يكفي لأسابيع قادمة بما يتلاءم مع قدرات وإمكانيات غزة المحاصرة.

ويعيش نحو 85% في القطاع، الذي يقطنه مليونا نسمة، تحت خط الفقر، بحسب تقديرات "اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار".

وقال رئيس اللجنة النائب في المجلس التشريعي جمال الخضري، للجزيرة نت، إن "العالم بما يملكه من مقومات لا يستطيع مواجهة كورونا، فما بالكم بغزة المحاصرة، وتعاني من معدلات صادمة في الفقر والبطالة، وضعف حاد في القطاعات كافة، وأهمها القطاع الصحي".

وحث على ضرورة "وضع خطة طوارئ عاجلة لإنقاذ غزة، وتسيير قوافل غذائية وطبية لإغاثة السكان، قبل وقوع الكارثة وتفشي فيروس كورونا على نطاق واسع".