العدد 1354 / 20-3-2019

"منفذ عملية سلفيت ، أطلق على الجنود الإسرائيليين النار على طريقة باسل الأعرج، اغتنم سلاحهم على طريقة عاصم البرغوثي، من مسافة صفر على طريقة أحمد جرار، اشتبك في "بركان" على طريقة أشرف نعالوه، أسعد قلوبنا على طريقة كل شهدائنا وفدائيينا".

كالنار في الهشيم، انتشرت هذه العبارة على صفحات الفلسطينيين بمنصات التواصل الاجتماعي، وتناقلوها مبتهجين، بعد أن تهافت لمسامعهم خبر "عملية سلفيت" التي وقعت قرب مستوطنة أريئيل (شمال مدينة سلفيت) قبل ظهر الأحد، وقتل وجرح بها عددا من الإسرائيليين، بينهم جنود.

ووقعت العملية التي وصفت "بالمزدوجة والمتدحرجة" عند التاسعة صباح الاحد ، حيث هاجم المنفذ جنديا إسرائيليا وطعنه، وأخذ سلاحه، ثم استقل مركبة تقل مستوطنين واختطفها بعد إطلاقه النار على من فيها.

ثم انتقل -حسب المعلومات المتداولة إسرائيليا- لموقع مستوطنة جيتي أفيخاي، وأطلق النار على جنود هناك، ثم ذهب لمستوطنة بركان الصناعية، واشتبك مع جنود هناك، قبل أن ينسحب لقرية بروقين الفلسطينية المجاورة للمستوطنة، حيث لا تزال عملية البحث عنه قائمة.

فرح وحلوى

وبين التهنئة والفرح اللذين اكتنفا المواطنين، هنأ الفلسطينيون بعضهم بعضا، وتناولوا الحلوى ابتهاجا في مدن غزة ومدينة طولكرم , لا سيما أنها تأتي في حالة بؤس فلسطينية من العملية السياسية برمتها، التي صعَّدت من ضيق الحال على المستويات كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ورأى آخرون أنها شكلت "متنفسا" للفلسطينيين، وجاءت لتنتشلهم "من القاع" بعد "كل وقعة مرة" حسب وصفهم، في إشارة إلى تصاعد حالة الانقسام والتشرذم التي يعيشها الفلسطينيون والمعاناة اليومية، لا سيما الأحداث الأخيرة في غزة.

الفصائل تبارك

باركت فصائل فلسطينية العملية، وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان لها إنها عملية بطولية تأتي للرد على جرائم الاحتلال في القدس والأقصى، وتؤكد أن خيار المقاومة هو الأجدر للرد على الاحتلال.

واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أنها صححت البوصلة والمسار، ونقلت المعركة الى ميدانها الطبيعي، وقالت في بيان لها إن الصوت الذي جاء من الضفة لتنبيه "الضمائر الحية" أن التناقض الأساسي مع الاحتلال.

وكما باركت لجان المقاومة العملية، قالت الجبهة الشعبية في بيان لها إن العملية "نوعية"، وتدلل على التخطيط الدقيق والجرأة في التنفيذ، كما أنها تحمل مضامين مهمة؛ أبرزها أن الضفة ورغم العدوان والاعتقال والاستهداف اليومي "تجترح البطولات وتقاوم بنهج ثابت".

وعقب العملية، شهدت مناطق الضفة الغربية -خاصة الشمالية- تشديدا كبيرا من جيش الاحتلال، فقد داهم الجنود المدججون بالأسلحة قرى سلفيت، لا سيما قرية بروقين، حيث فرّ المنفذ، واقتحموا منازل المواطنين، واعتلوا أسطحها وفتشوا عددا كبيرا منها والمحال التجارية، وصادروا تسجيلات الكاميرات الخاصة بتلك المحال التجارية.

وأغلق جنود الاحتلال الحواجز العسكرية والطرق الالتفافية قرب المستوطنات، ونصبوا حواجز متحركة وأعاقوا حركة الفلسطينيين.

معقدة ومفاجئة

ورغم التحذيرات الإسرائيلية من المواجهة بالضفة نتيجة الاعتداءات المتواصلة بحق المسجد الأقصى والفلسطينيين، فإن العملية -وحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع- كانت "مفاجئة" للاحتلال من حيث التنفيذ "المعقد".

وقال إن "التخطيط للعملية محكم ومزدوج على أكثر من مرحلة"، مضيفا أنها أعادت للاحتلال "المعضلة" التي يعانيها دوما، ومفادها أن الأمن والردع "مفقودان في الضفة".

وتشير "عملية سلفيت" إلى نهج -على ما يبدو- بات المقاومون الفلسطينيون يتبعونه، بدأه أحمد جرار قبل أكثر من عام، ثم تبعه أشرف نعالوه في المكان ذاته، ليتلوهما الشقيقان صالح وعاصم البرغوثي بفعل مماثل.

وزاد في تميز تلك العمليات "تفردها"، وهو ما أبرز حاضنة شعبية للمنفذين، في ظل غياب الحاضنة الحزبية، وبالتالي نجاح المنفذ في الاختفاء لفترات أطول.