العدد 1482 /13-10-2021

أمين العاصي

تتجه وزارة الدفاع الروسية لحل "اللواء الثامن" في جنوب سورية، التابع لـ"الفيلق الخامس المدعوم من قبل هذه الوزارة، التي كانت فرضت "خريطة حل" على بلدات ومدن محافظة درعا بجنوب سورية، تتضمن تسويات أمنية هدفها إنهاء أي مظاهر مسلحة لا تتبع لقوات النظام وأجهزته الأمنية.

ونقل "تجمع أحرار حوران" الذي يضم مجموعة من الصحافيين والناشطين الإعلاميين في جنوب سورية، عمن قال إنه قيادي في "الواء الثامن" قوله إن هذا اللواء "في طريقه للتفكك"، مضيفاً: "جميع المؤشرات الحالية في المنطقة الشرقية من محافظة درعا، تدل على حلّه خلال المرحلة المقبلة، خاصة بعد وصول التسويات إلى مناطق نفوذه، والتي شملت مجموعات تابعة له في بلدات عدة".

وأشار القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى أنّ النظام "يرفض وجود تكتل اللواء الثامن، ويعتبره عثرة كبيرة أمام تنفيذ مشاريعه في المحافظة"، مؤكداً أن "النظام طلب من حليفه الروسي إنهاء ملف اللواء، لأنه يرفض التكتلات العسكرية خارج ملاكه". وتحدث المصدر عن "إمكانية تحويل تبعية اللواء إلى ملاك شعبة المخابرات العسكرية أو دمجه في جيش النظام"، مشيراً إلى أن "جميع ملفات عناصره تحولت إلى شعبة المخابرات". ولفت المتحدث نفسه إلى أن "الأمور ما زالت غير واضحة بشكل كامل".

في السياق، أوضح الناشط الإعلامي يوسف معربة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجانب الروسي "اجتمع (أول من أمس) الإثنين مع القيادي الثاني في اللواء علي باش"، مشيراً إلى أن "الروس طالبوا بتسليم المجموعات التابعة للواء في بلدات صيدا والنعيمة وكحيل بريف درعا الشرقي، سلاحها لقيادة اللواء في بلدة بصرى الشام". ولفت إلى أن "تسليم السلاح يشمل المجموعات المحلية التي تعمل لصالح فرع الأمن العسكري (جهاز أمني تابع لقوات النظام) في البلدات المذكورة".

وأكد معربة أن قائد اللواء الثامن أحمد العودة "خرج بشكل سري من معبر نصيب باتجاه الأردن في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي"، مشيراً إلى أن "بلدات عدة في ريف درعا الشرقي دخلت التسوية مع النظام، وهي: صيدا، النعيمة، كحيل، وقريتان على الشريط الحدودي مع الأردن هما ندى والعمان". ولفت معربة إلى أنه "خلال الأيام القليلة المقبلة ستدخل بلدات في التسوية منها الجيزة والمتاعية".

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد شكّلت هذا اللواء الذي يقوده القيادي السابق في فصائل المعارضة السورية أحمد العودة، في منتصف عام 2018، من عناصر كانوا في فصائل المعارضة وأجروا تسويات مع النظام في ذلك العام، الذي شهد انتهاء المواجهات العسكرية في عموم الجنوب السوري بضغط روسي وإقليمي، حيث اضطرت فصائل المعارضة لتسليم سلاحها الثقيل. ويتمركز اللواء الثامن في بصرى الشام كبرى بلدات ريف درعا الشرقي الذي يعد نطاق نفوذ هذا اللواء الذي يتلقى توجيهاته من وزارة الدفاع الروسية. لذا، لم يتحرك لنجدة منطقة درعا البلد بمدينة درعا في أغسطس/ آب الماضي، حين حاولت مليشيات تابعة للنظام اقتحامها بعد حصار لمدة ثلاثة أشهر. ووفق مصادر مطلعة، يبلغ قوام اللواء الثامن نحو 1800 عنصر لديهم أسلحة خفيفة ومتوسطة.

وتعليقاً على الأنباء التي تؤكد نية الروس تفكيك هذا اللواء، قال اللواء محمد الحاج علي (من أبناء محافظة درعا)، والذي كان انشق عن قوات النظام، في حديث مع "العربي الجديد": "كل الفرق تنتهي مهماتها عند انتهاء الغرض الذي وُجدت من أجله".

من جهته، قال المحلل العسكري، العميد أسعد الزعبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "منذ تأسيس اللواء الثامن، كان معلوماً أنه يعمل لصالح الروس والنظام"، مضيفاً: "قاتل هذا اللواء مع قوات النظام في إدلب وفي ريف السويداء الشرقي ضد تنظيم داعش". ورأى الزعبي (وهو من محافظة درعا)، أنه "انتهى الدور المطلوب من هذا اللواء، وجاء الوقت لسحب السلاح من عناصره، بل إنه من المتوقع أن يُخرج النظام اتهامات بحق عناصره لمحاسبتهم، وهذا مصير كل عميل". وأشار الزعبي إلى أن اللواء الثامن "قام منذ عام 2018 بأدوار بشعة جداً لصالح النظام والروس، فقد كان بمثابة شرطي للروس في محافظة درعا"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن "هناك عناصر جيدة في هذا اللواء، ولكن أجبروا على القيام بهذا الدور".

ويضم ريف درعا الشرقي العديد من البلدات، أبرزها: صيدا، نصيب، الجيزة، المسيفرة، السهوة، الحراك، الكرك الشرقي، غصم، المليحة الغربية، المليحة الشرقية، الغارية الغربية، الغارية الشرقية، بصرى الشام، المتاعية، الطيبة، مليحة العطش، علما، معربه، أم ولد، أم المياذن، طيسيا، ومنطقة اللجاة إضافة لمناطق أخرى أيضاً. وبدأت قوات النظام السوري إجراء تسويات في ريف درعا الشرقي بعد انتهائها من ريفي درعا الغربي والشمالي، إذ دخلت السبت الماضي بلدة نصيب الحدودية مع الأردن، التسويات لتكون أول بلدة تخضع للتسوية في ريف محافظة درعا الشرقي.

وينصّ اتفاق التسوية على تسليم قطع السلاح، وإجراء تسويات للمطلوبين والمنشقين والمتخلفين عن التجنيد الإلزامي، وإجراء عمليات تفتيش شكلية في بعض المنازل، بحضور الشرطة الروسية. وكانت موسكو قد فرضت مطلع الشهر الماضي "خريطة حل" على النظام واللجنة المركزية التي تمثل الأهالي في محافظة درعا، لإنهاء كل المظاهر المسلحة، وفك الحصار الذي تفرضه قوات النظام على البلدات والمناطق الخارجة عن سيطرتها، وفتح الطرق بين هذه البلدات لعودة الحياة إلى طبيعتها. وكانت البداية من منطقة درعا البلد، ثمّ انتقلت التسويات سريعاً إلى بلدات الريفين الغربي والشمالي وصولاً إلى الريف الشرقي، وذلك من دون معوقات أو مشاكل.

ومن الواضح أن النظام السوري يريد إنهاء ملف الجنوب السوري للتفرغ بعد ذلك لملفي الشمال الغربي الخاضع لفصائل معارضة و"هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً)، والشمال الشرقي من سورية والخاضع لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ذات الطابع الكردي. كما يريد النظام تحقيق استقرار نسبي في الجنوب السوري، مع إعادة العلاقات على المستويات كافة وخاصة الاقتصادي، مع الجانب الأردني، بعد فتح معبر نصيب في الجانب السوري ومعبر جابر في الجانب الأردني، ويأمل النظام أن ينعش هذا الأمر اقتصاده، مع عودة التجارة البينية.