أصدرت منظمة العفو الدولية مؤخراً تقريراً أشارت به إلى عمليات التعذيب الممنهج والإعدامات الجماعية التي يمارسها النظام السوري في سجونه، وجاء في التقرير الذي توقف عند سجن صيدنايا الواقع قرب دمشق إلى أنّ ما يقارب الـ 13 ألف سجين قد أعدموا خلال الأعوام الخمسة الماضية (2011-2016).
وقد حمل التقرير المروّع عنوان «مسلخ بشري: شنق جماعي وابادة في سجن صيدنايا»، متوقفاً عند عملية الإبادة الجماعية التي يمارسها النظام بين جدرانه.
كما وثق المعلومات نقلاً عن 84 شهادة قدمها حراس وقضاة وسجناء سابقون، وذلك في مقابلات تمّ إجراؤها معهم.
وبحسب التقرير فإنّ المسؤولين عن هذا السجن كانوا يعمدون أسبوعياً إلى أخذ مجموعة بشرية لا يقل عديدها عن خمسين سجيناً، ليتم تعذيبهم وشنقهم وذلك في سرية تامة.
ولفت التقرير إلى أنّ السجناء كان يتم اقتيادهم معصوبي العينين، دون أن يدركوا كيف تكون نهايتهم، حيث يتم تعليق المشنقة وإعدامهم، موضحاً أنّ أكثر من تمّ إعدامهم هم من المعارضين للنظام السوري.
وفي شهادة لأحد القضاة وثقها التقرير، فإنّه كان يتم تعليق السجناء ما بين العشر الدقائق والخمسة عشر دقيقة على المشانق، مشيراً إلى عمليات التعذيب التي كانت تنفذ أيضاً. فيما أوضح مصدر، أنّ المشانق لم تكن كافية لتقل الصغار، بسبب أوزانهم الخفيفة، فكان يعمد السجانون إلى شدّهم بقوة للأسفل وكسر رقابهم. فيما روى جندي سابق انّهم كانوا يسمعون غرغرة السجناء وهم يعدمون، وهي غرغرة ما قبل الموت.
الجدير ذكره أنّه ما زال هناك آلاف من السجناء في صيدنايا، الذي يعد أكبر مكان احتجاز في سوريا، ويبعد عن دمشق ما يقارب الثلاثين كيلومتراً.
مطالب بتحقيق أممي
وقد دعت منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل بشأن ما يحدث في سجن صيدنايا بريف دمشق من إعدامات للمعتقلين، وذلك بعد إصدارها تقريرا يكشف عن قيام النظام بإعدام نحو 13 ألف شخص شنقا بالسجن بين عامي 2011 و2015. وقالت لين معلوف نائبة مدير الأبحاث في منظمة العفو الدولية: «ندعو الأمم المتحدة إلى إطلاق تحقيق مستقل وشفاف بشأن ما يحدث في سجن صيدنايا اليوم وأن يكون التحقيق صارما»، مؤكدة أنه لا يوجد أي سبب يدعو إلى الاعتقاد أن هذه الإعدامات قد توقفت من طرف النظام السوري حالياً.
كما دعت معلوف النظام السوري إلى السماح لمراقبي المنظمة ومراقبي الأمم المتحدة المستقلين بالدخول إلى سجن صيدنايا وإلى جميع السجون ومراكز الاعتقال في سوريا. وقد أدلى بعض من كان معتقلاً في السجن عام 2011 بشهاداتهم عما عانوه من أساليب تعذيب معنوية وجسدية، حيث قال أحدهم إن بعض المعتقلين كان يخسر أكثر من نصف وزنه في السجن بسبب ما يعانيه من التعذيب والتجويع. وكشف التقرير الذي أعدته منظمة العفو بعنوان «المسلخ البشري» عما سماها حملة مروّعة يقوم بها النظام في سجن صيدنايا منذ اندلاع الثورة السورية، حيث كان النظام يقتاد كل أسبوع وغالباً مرتين أسبوعياً، مجموعات تصل أحيانا إلى خمسين شخصا إلى خارج زنزاناتهم ويشنقهم. وبحسب التقرير فإن هؤلاء السجناء كان يخضعون لمحاكمات عشوائية وضربهم ثم شنقهم في منتصف الليل بسرية تامة، وكانوا قبل ذلك معصوبي الأعين، لا يعرفون مصيرهم إلى أن يلف الحبل حول أعناقهم. وعلاوة على ذلك، لقي الآلاف من السجناء حتفهم بسبب المعاملة غير الإنسانية والتعذيب المستمر، حيث اتهم التقرير نظام بشار الأسد بانتهاج «سياسة إبادة»، معتبراً أن هذه الممارسات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
فرنسا تدعو لمعاقبة الأسد
 دعت فرنسا المجتمع الدولي إلى التحرك لمنع إفلات النظام السوري من العقاب، في تعليق على تقرير منظمة العفو الدولية عن سجن صيدنايا، بينما طالبت المعارضة السورية بدخول مراقبين دوليين إلى سجون النظام وتحويل ملف تقرير العفو الدولية عن إعدام المعتقلين بسجن صيدنايا إلى المحكمة الجنائية الدولية. كما دعت منظمة العفو الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل بشأن ما يحدث في سجن صيدنايا. وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن هذا التقرير يؤكد الفظاعات التي يرتكبها النظام في حق الشعب السوري من أجل البقاء في السلطة. وأكد البيان مواصلة عمل اللجنة الدولية المستقلة التي يقودها باولو بينايرو، إضافة إلى لجان التحقيق الأممية من أجل كشف حقيقة الانتهاكات في سوريا. وغرد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في حسابه على تويتر تعليقاً على تقرير العفو الدولية بقوله: «مشمئز من تقارير أمنستي عن الإعدامات في سوريا.. الأسد مسؤول عن موت كثيرين، ولا مستقبل له كقائد للبلاد».
من جانبه طالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان له المجموعة الدولية لدعم سوريا بالعمل على وقف الإعدامات والسماح الفوري بدخول المراقبين الدوليين إلى أماكن الاحتجاز دون أي عوائق، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين بشكل تعسفي.
وكانت الجمعية العامة قد وافقت على مشروع قرار تقدمت به قطر ودولة ليختنشتاين يوم 22 كانون الأول الماضي بدعم من الدول العربية والغربية، لمحاسبة مجرمي الحرب في سوريا.