العدد 1518 /29-6-2022

بقلم: ضياء خليل

بعد إعلان المتحدث باسم "كتائب القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس"، أبو عبيدة، مساء الإثنين، أن "تدهوراً طرأ على صحة أحد أسرى الاحتلال لدى الكتائب"، ثم اعتبار مصادر أمنية إسرائيلية أن هذا الإعلان "استفزاز" ونوع من الحرب النفسية، كما نقلت وسائل إعلام، عرضت "كتائب القسام" عصر أمس الثلاثاء، فيديو قصيراً أظهر الجندي الإسرائيلي المحتجز لديها هشام السيّد، طريح الفراش موصولاً بجرّة أوكسجين طبية وفي جواره شاشة تلفزيون تعرض جزءاً من بثّ قناة "الجزيرة".

وفي عام 2015، دخل هشام السيد وهو بدوي يحمل الجنسية الاسرائيلية، حدود قطاع غزة، واعتقلته "حماس"، وراجت في حينه معلومات عن أنه من عناصر وحدات قصّاصي الأثر في الجيش الاسرائيلي، لكن السلطات الإسرائيلية وأسرته تدعيان أنه مريض نفسي.

وسبق الفيديو الذي نشرته "القسام"، أمس، كشف مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد" عن قيام مسؤولين في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بإجراء اتصالات طارئة بمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية، لمطالبتهم بالتدخل السريع لدى حركة "حماس"، للوقوف على حقيقة هذه القضية.

ولفتت المصادر إلى أن المسؤولين في حكومة الاحتلال "طالبوا المشرفين على الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصري، بلعب دور لمنع أي تصعيد في هذا الملف في التوقيت الحالي، عبر علاقاتهم القوية بالحركة".

وأضافت أن "الجانب الإسرائيلي غير مستعد في الوقت الراهن للانخراط في أي مفاوضات بشأن هذا الملف في ظل الوضع السياسي الداخلي الصعب، وقرب سقوط حكومة الاحتلال وسط المخاوف من عودة بنيامين نتنياهو مرة أخرى للحكم".

وبحسب المصادر، فإن "اتصالات من جانب المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، جرت صباح (أمس) الثلاثاء، مع قيادة حماس في قطاع غزة، للوقوف على طبيعة الإعلان الأخير.

وأشارت المصادر في الوقت ذاته إلى أن الاتصال "فشل في اختراق موقف الحركة بشأن تقديم أي معلومات بشأن طبيعة وضع الأسرى الأربعة لديها، لكون تلك الخطوة إحدى ركائز عملية التفاوض بالنسبة لحماس، إذ تشترط أن تكون الخطوة الأولى لإبرام صفقة جديدة مع حكومة الاحتلال، عبر تقديمها معلومات عن طبيعة موقف الأسرى لديها، مقابل إطلاق إسرائيل سراح من أعادت اعتقالهم من المحررين في صفقة (وفاء الأحرار) التي تم بموجبها إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط في 2011".

ووفقاً للمصادر المصرية، فإن "الاعتقاد السائد لدى الجانب الإسرائيلي، هو أن الإعلان من جانب الحركة عن تدهور الحالة الصحية لأحد الأسرى لديها، يأتي من منطلق ممارسة ضغط على الحكومة الإسرائيلية وإثارة الرأي العام الإسرائيلي ضدها لإجبارها على الرضوخ لشروط الحركة بشأن إتمام صفقة تبادل جديدة".

وتابعت المصادر أن "إعلان حماس خطوة ذكية للغاية لإعادة إحياء التفاوض بشأن صفقة التبادل، بعدما تراجع الجانب الإسرائيلي عن المضي في إتمامها أكثر من مرة، معتبراً أن الشروط التي حددتها حماس مبالغ فيها".

وأثار إعلان "حماس" ضجة واسعة في إسرائيل، قالت قناة "كان" الرسمية إن تعليمات وردت للوزراء في حكومة نفتالي بينت بعدم التعليق عليه.

وقال بينت، مساء الإثنين، إن إسرائيل ستواصل جهودها لاستعادة أسراها لدى "حماس" في قطاع غزة. واتّهم بينت "حماس" باحتجاز "مدنيّين مضطربين نفسياً، وجثث جنديّين خلافاً لجميع المواثيق والقوانين الدولية". وأضاف أن "حماس تتحمّل المسؤولية عن حالة المدنيَين الأسيرَين". وتابع قائلاً: "ستواصل إسرائيل بذل جهودها بكل مسؤولية وإصرار، من خلال الوساطة المصرية، من أجل استعادة الأسرى والمفقودين".

وقالت المصادر المصرية إن "حماس من جانبها حريصة لأبعد مدى ممكن على سلامة وصحة الأسرى لديها، كونهم يمثلون كنزاً لاستعادة أسراها في السجون الإسرائيلية".

وكشفت المصادر التي اطلعت على تفاصيل جلسات سابقة بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين مصريين بشأن التمهيد لصفقة تبادل أسرى مع "حماس"، أنه "رغم تمسك إسرائيل بتصور أن العسكريين اللذين في حوزة الحركة، هما جثمانان للضابط هدار غولدن والجندي شاؤول آرون، إلا أنه خلال أحد الاجتماعات السابقة كانت هناك زلة لسان من أحد مسؤولي وفد التفاوض، كشفت أن الأجهزة الإسرائيلية المعنية بقضية الأسرى غير جازمة بأن العسكريين مجرد جثمانين"، لافتة إلى أن "هناك احتمالاً بأن أحدهما أُسر مصاباً، ما يعني احتمالية خضوعه للعلاج".

وتوقفت آخر جولات التفاوض بشأن تبادل الأسرى لسببين رئيسيين، أحدهما متعلق بأعداد الأسرى الفلسطينيين الذين طلبت "حماس" الإفراج عنهم، إضافة إلى نوعية المفرج عنهم، والذين تصف حكومة الاحتلال قطاعاً منهم بـ"الملطخة أيديهم بالدماء"، إضافة إلى ملف رموز النضال الفلسطيني الذين ضمنتهم "حماس" بقائمة مطالبها، وهم أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والقيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، والذي يعني خروجه في التوقيت الراهن خلطاً لكافة أوراق المشهد في ظل الخلافات الحالية داخل حركة "فتح" بشأن تصورات ما بعد محمود عباس.

وعلّق دبلوماسي مصري سابق على الوساطة المصرية بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، قائلاً إن "القاهرة حريصة في الوقت الحالي على تحقيق أي تقدم في ملف الوساطة، خصوصاً مع اقتراب زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة".