العدد 1539 /30-11-2022

فشلت أجهزة امن الاحتلال حتى الللحظة، من التوصل إلى "طرف خيط" بشأن عملية القدس التفجيرية المزدوجة، بعد مرور 24 ساعة عليها.

وضرب انفجاران مزدوجان محطتين للحافلات في القدس المحتلة، ما أدى إلى مقتل مستوطن وإصابة أكثر من 19 آخرين، جراح بعضهم بالغة الخطورة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية "كان" في تقرير أعده روي شارون، أن "العملية في القدس بدأت تتحول إلى فشل استخباراتي حاد"، متسائلة: "هل هذا يعني أن المستقبل يحمل عمليات مثل أيام الانتفاضة الثانية؟".

ولم يكون لدى الاحتلال الإسرائيلي تحذير مسبق عن عملية القدس، فضلا عن عدم وجود إنذارات محددة حول استخدام العبوات الناسفة فيها، ورغم أن جيش الاحتلال يواصل التحقيقات بما فيها اقتحام قرية بيت إكسا الفلسطينية، وتفكيك الكاميرات الأمنية للتحقق مما إذا كانت قد استخدمت كمسار انسحاب للمنفذين، لكن الوقت ما زال مبكرا للوصول إلى المنفذين.

ونبهت "كان" بأن "الهجوم المزدوج بالقدس، أحد أسوأ الإخفاقات الاستخباراتية التي شهدتها المؤسسة الأمنية في السنوات الأخيرة، وهو هجوم مخطط له في ساحتين مختلفتين، مع تفجير عن بعد وبفارق دقائق بينهما، وكل هذا دون سابق إنذار استخباراتي، وهذا يشير على ما يبدو، إلى بنية تحتية للمقاومة الفلسطينية، تعمل بتخطيط مسبق يشمل التحضير".

وقال وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، إن قواته تنتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة، وتزيد من النشاط الاستخباري، من أجل الحفاظ على أمن المستوطنين، في الوقت الذي تواصل فيه التحقيقات في ملابسات الهجوم وتحديد منفذيه لكن ذلك يسبتغرق بعض الوقت.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن تصريحات غانتس تكشف أن مستوى تنظيم الخلية المنفذة لا يزال مجهولا، وفيما إذا كانوا قد أرسلوا من قبل منظمة معينة.

وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لديها مخاوف من قيام المنفذين بهجوم آخر في المستقبل القريب وتركز عملها على ذلك حاليا.

وتبين أن الكاميرات الأمنية في محطة الباصات عند مدخل المدينة حيث وقع الانفجار الأول لم تكن متوفرة، مما قد يؤخر التحقيق في الهجوم.

وتشتبه المؤسسة الأمنية بأن المنفذين عملوا دون توجيه خارجي من المنظمات الفلسطينية، وقد خططوا للهجوم منذ فترة طويلة، وتعتقد أن الخلية على دراية تامة بالمنطقة حيث قاموا في البداية بتصوير مقاطع فيديو تفيد بوجود أكبر عدد ممكن من المستوطنين في محطة الباص، ثم قاموا بتفجير العبوة الناسفة في المشهد الأول من مسافة بعيدة.

وتتحدث التقديرات الأمنية أن العبوات الناسفة كانت صغيرة نسبيا، ومعظم الإصابات نتجت عن المسامير التي تناثرت على مسافة قصيرة، وأصابت مستوطنين يقفون في مكان قريب، وبعد ذلك انفجرت عبوة ناسفة أخرى في مفرق راموت بطريقة مماثلة.

ويشير القلق الإسرائيلي من تبعات عملية القدس إلى أنه شبه اعتراف بفشل القضاء على المقاومة، لأن العملية أكدت أن الجيش والشاباك لن يكون بمقدورهما وضع حدّ نهائي للمقاومة بوسائل القوة، مما يحمل إقرارا بعجز القوة الإسرائيلية في القضاء عليها.

وأشارت "كان" إلى أن "أجهزة الأمن في إسرائيل تقوم كل ليلة بعمليات هادفة، ويحبط مئات الهجمات بمختلف الأشكال، كما ينشط أحيانا إجراءات مضادة (تصفيات أو اعتقالات) موجهة ضد كبار المطلوبين (المقاومين)".

ورأت أن "ما يمكن أن يدمر ميزان القوى هو انهيار السلطة الفلسطينية"، معتبرة أن "اختطاف جثمان المستوطن الذي دخل مستشفى جنين من قبل مقاومين، ومطالبتهم بتحرير جثامين شهداء فلسطينيين لدى إسرائيل، يشهد على تفكيك الآليات الأمنية".

وقدرت أن "مثل هذا الحادث يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تآكل قبضة السلطة، وينذر بتجدد التصعيد في الضفة الغربية".

وتدفع خيبة الأمل الإسرائيلية من عدم وجود إنذارات أمنية مسبقة عن عملية القدس، للتذكير بمقولة إيهود باراك رئيس الوزراء وقائد الجيش الأسبق الذي قال إن "الفلسطينيين مثل الوسادة، كلما وجهت لهم لكمة، ارتدوا بقوة، وكأنهم لم يتلقوا اللكمة". وبالتالي فإن حديث أجهزة الاحتلال الأمنية بشأن تقليص قدرات المقاومة من خلال الاجتياحات والاغتيالات والاعتقالات، مبالغ فيه، بدليل وقوع عملية القدس في مكان وزمان وأسلوب لم يكن متوقعا.