ياسر مناع

ربما قدم معلومات ذات أهمية عن مواقع ومنشآت حساسة أو ربما لم يقدم أي معلومات هامة، إلا أنها تعتبر ضربة قوية هزت المجتمع الإسرائيلي السياسي والمدني من عدوّها اللدود «إيران»، التي كانت تعمل بصمت مطبق.
يوم الاثنين 18/6 سمحت الرقابة العسكرية للإعلام الإسرائيلي بنشر قصة وزير الطاقة والبنية التحتية (1992- 1995) السابق وعضو كنيست سابق من حزب تسوميت اليميني المتطرف «جونين سيغيف» الذي يتهم بالتجسس لمصلحة إيران، حيث اعتقل جهاز الأمن العام «الشاباك» الوزير السابق سيغيف لدى عودته إلى «إسرائيل» الشهر الماضي، بناء على شبهات حول صلته بالمخابرات الإيرانية ونقله معلومات إلى العدو حسب زعمهم، حيث وصفت صحيفة «إسرائيل هيوم» بأن سيغيف كان شريكاً كبيراً في عملية صنع القرار الإسرائيلي.
الصحفي نعوم أمير من موقع واللا نيوز قال في مقالٍ له «إن سيغيف الذي عاش في نيجيريا في السنوات الأخيرة كان قد وصل إلى غينيا الاستوائية في شهر 2018، وعقب ذلك نُقل إلى «إسرائيل» بطلب من الشرطة الإسرائيلية بعد أن رفضت السلطات الغينية الاستوائية السماح له بدخول أراضيها بسبب ماضيه الإجرامي»، والجدير بالذكر، وحسب إذاعة الجيش، فإن سيغيف كان قد سجن لمدة خمسة أعوام بتهمة تهريب أقراص مخدرات من هولندا، ووفقاً لصحيفة هآرتس فإنه أطلق سراحه في عام 2007.
وخلال التحقيق اعترف سيغيف بأنّ المخابرات الإيرانية جندته، ففي عام 2012 بدأت العلاقة بين سيغيف ومسؤولين في السفارة الإيرانية في دولة نيجيريا، عقب ذلك التقى سيغيف مع شخصيات إيرانية في مختلف أنحاء العالم، حيث كانت تدور تلك اللقاءات في الفنادق والشقق التي يعتقد أنها تستخدم في أنشطة سرية، وأستخدم سيغيف نظام اتصالات سري لتشفير الرسائل.
وكشفت التحقيقات أيضاً أن سيغيف أعطى مشغليه معلومات متعلقة بسوق الطاقة والمواقع الأمنية والمباني والمسؤولين في الهيئات السياسية والأمنية في «إسرائيل» ، وبهدف ذلك نسج سيغيف علاقات مع شخصيات إسرائيلية لها علاقة بالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، وعمل أيضاً في تجنيد بعض العناصر لمصلحة المخابرات الإيرانية من بينها خبراء في الأمن سابقون.
وبحسب القناة 11 فإن الشاباك قبل خمسة عشر عاماً كان قد حذر الوزير سيغيف من محاولات حزب الله تجنيده، حيث اعتبرت القناة أن عملية التجنيد هذه هي الإنجاز الأكبر للمخابرات الإيرانية، ونقل راديو إسرائيل عن مصادر أمنية أن سيغيف لم يعترف بأنه خائن، بل قال إنه حاول خداع الإيرانيين للحصول على معلومات لكي ينقلها لإسرائيل، وبالتالي نفى تلقيه أية أموال من إيران، وقال المحلل العسكري يوسي ملمان إن قضية سيغيف هي الأسوأ على الإطلاق، وإنها تحتل المرتبة 10 من حيث أعلى الجواسيس والخونة الذين اعتقلوا في «إسرائيل».
أما صحيفة يديعوت أحرنوت، فقالت إن قيس عبيد (عربي - إسرائيلي) مقيم في الطيرة وعمل مع حزب الله، رأى في وزير البنية التحتية السابق فريسة محتملة، كان ذلك قبل أن يزوّر سيغيف جواز السفر الدبلوماسي، وبطاقات الائتمان، وأضافت الصحيفة أن عبيد رتب للوزير السابق عدداً من الصفقات التجارية المربحة مع شخصيات في الخليج تعمل لمصلحة حزب الله وإيران، التي كان الهدف في النهاية هو اختطاف سيغيف واستبدال أعضاء من حزب الله به، حيث لم تُنفَّذ الخطة لأن حزب الله وجد شخصية أخرى أقل حذراً وهو العقيد «الحنان تننباوم» الذي اختُطف ونُقل من الخليج إلى بيروت خلال صفقة المخدرات.
ويرى مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني أن هذه القضية لها أبعاد أخرى لا تقتصر على إنزال عقوبة رادعة بحق الوزير المتهم، بل تمثلت في إظهار النشاط والسعي الإيراني الرامي لتجنيد شخصيات وازنة ذات تاريخ سياسي في «إسرائيل» وإن لم تحصل من خلالها على معلومات إلا أنها تحدث هزات داخل المجتمع الإسرائيلي تعمل على تفكيكه وإضعاف الثقة به، بالإضافة إلى تبديد الرواية الإسرائيلية القائلة إن «إسرائيل» هي الوحيدة القادرة على اختراق الدول، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي من الممكن أن نشهد قرارات من المؤسسة العسكرية تقضي بتشديد الرقابة على الدبلوماسيين الإسرائيليين في أرجاء العالم.}