العدد 1340 / 5-12-2018

باب الرئيس السوري بشار الأسد مفتوح للزوار من الخارج، ضمن مسعى فك الحصار المضروب من حوله. واستقبل خلال السنوات الأخيرة شخصيات ووفوداﹰ أجنبية وعربية. ومع مرور الوقت، تزداد حاجة الأسد إلى من يساعده في فتح النوافذ نحو العالم الخارجي، لا لكي يتنفس فقط، بعد أكثر من سبع سنوات من العزلة، وإنما من أجل استعادة شرعيةٍ فقدها بسبب ارتكاب جرائم موثقة ضد الإنسانية وجرائم حرب اعتبرتها المنظمات الدولية المعنية من بين أكبر الجرائم التي عرفها تاريخ البشرية. والمفارقة هنا أنه في الوقت الذي كان الزوار يلتقطون الصور التذكارية مع الأسد، استمرّت قواته بارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري الذي ثار في عام 2011 من أجل الحرية والكرامة.

تعمل روسيا وإيران، وأطراف عربية تقف في صف الثورة المضادة للربيع العربي، مثل السعودية والإمارات ومصر على إعادة تأهيل الأسد، وتشكل دبلوماسية الوفود إحدى الوسائل التي يجري العمل عليها منذ سنوات، ويتم توجيه دعوات إلى النقابات ومجالس نواب واتحادات الكتاب والصحافيين والأحزاب لزيارة دمشق، والتقاط الصور التذكارية مع الأسد، والاستماع إلى خطب سوريالية، يلقيها الرئيس، يشرح فيها كيفية محاربة الإرهاب، وينظّر في السياسة والإعلام والثقافة. وسبق أن شهدنا اجتماعا للمكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب العرب في دمشق في مطلع العام الحالي، وصدرت تصريحاتٌ تمتدح الأسد من بعض المشاركين، وبيان تضامني معه في الحرب التي يخوضها.

زارت الأسد وفودٌ من تونس والأردن ذات طبيعة حزبية ونقابية، وتركت لدى السوريين، الذين نكل بهم الأسد، شعورا بخيانة الأشقاء، وبعض هؤلاء الزوار ممن هم على شاكلة الأسد، ولا يهمّهم الشعب السوري ومستقبله، وصدرت عنهم تصريحاتٌ بائسةٌ مثل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأردني نضال الطعاني، قال فيها إن الوفد حضر إلى دمشق لتهنئة الأسد بالنصر! وهناك بعض آخر يعتبر الثورة السورية إرهاباﹰ، ومن هؤلاء من الذين جاءوا من تونس، وهم من خلفية يسارية متطرّفة ، وقضوا فترات في سجون نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وشاركوا بقوة في الثورة من أجل إسقاطه عام 2010.

جديد هذه الزيارات هي التي قام بها الأسبوع الماضي الاتحاد العام للصحافيين العرب الذي عقد اجتماعه في دمشق، وسادته مظاهر وأجواء تشبه التي شهدها مؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب العرب، من استضافة، فصورة تذكارية، وتصريحات طغى عليها التملّق والمديح الكاذب، وبرع في ذلك الأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب، الصحافي العراقي مؤيد اللامي الذي كان من أشد مؤيدي الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ومن بين مادحيه بقصيدة عام 2002، وفي عام 2003 انقلب عليه، وسار مع الاحتلال الأميركي، وهو يسير اليوم مع الحشد الشعبي الإيراني.

هذه الزيارات، والصور التذكارية مع بشار الأسد، لن تفكّ عنه الحصار أو تجعل منه رئيسا مقبولا بعين أحد، فالجرائم التي ارتكبها حاضرة، وستبقى تشهد على وحشيته إلى أمدٍ طويل، من خلال الدمار الذي لحق بالبلد والتهجير الذي طاول ملايين السوريين، ولكن ذلك سوف ينعكس سلباﹰ على سمعة الكتابة والصحافة والنقابات والأحزاب، التي سوف تسقط مصداقيتها في نظر الرأي العام، وستظل هذه الزيارات الانتهازية نقطةً سوداء في سجلها.

بشير البكر