العدد 1398 / 29-1-2020

يقف الأردن الرسمي اليوم أمام لحظة حاسمة وحرجة مع اقتراب كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة باسم "صفقة القرن"، والتي من المتوقع أن تكون مرفوضة أردنياً علناً وكموقف سياسي، لكن الخطورة تكمن في تمريرها عملياً وبالتدريج.

وفيما الموقف الشعبي الأردني من الصفقة واضح برفضها والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التطبيع، فإن الحكومة تبدو في موقف حرج، بين الرفض الشعبي، والإذعان لرغبة واشنطن، الداعم الأول للاقتصاد الأردني والحليف السياسي لعمّان، إضافة إلى وجود ثوابت لدى المملكة تجاه قضايا الوضع النهائي الخاصة بالقضية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها وغض الطرف عنها، ليطرح كل ذلك تساؤلات حول كيفية مواجهة عمّان لهذا الاستحقاق والأدوات التي بجعبتها للتصدّي لخطة تصفية القضية الفلسطينية.

ويلاحظ في الفترة الماضية أن "صفقة القرن" لم تكن مجرد تسريبات خلف الكواليس، بل بدأت الإدارة الأميركية بمحاولة فرضها على أرض الواقع، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مدينةالقدس عاصمة لإسرائيل في نهاية عام 2017، ولاحقاً اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية شرعية، مروراً بما يتم تداوله عن حق إسرائيل في السيطرة على الحدود وضم غور الأردن، فيما حق العودة أصبح بلا ذكر.

وفي آخر المواقف الأردنية حول الصفقة، أعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال لقاء مع الصحافيين مساء السبت، أن عمّان لم تتبلغ مضامين "صفقة القرن" ولا تعرف ماذا ستقدّم الولايات المتحدة فيها، مضيفاً أن "العالم كله يعرف ثوابتنا وموقفنا لتلبية كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمها حقه في الحرية والدولة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية". وأعلن الصفدي أن لا صحة لموضوع العودة عن قرار فك الارتباط القانوني مع الضفة الغربية، مضيفاً أنه لم يتم طرح هذا الموضوع لا سابقاً ولا حالياً. وجاء هذا التصريح بعدما نشرت وسائل إعلام محلية معلومات حول عزم الحكومة الأردنية إلغاء قرار فك الارتباط، وذلك في محاولة لربط هذا القرار بتوجّه ترامب لكشف تفاصيل الصفقة الأميركية. وقرار فك الارتباط اتخذه ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال عام 1988 بإنهاء ارتباط الضفة الغربية إدارياً وقانونياً مع المملكة.

وفي السياق، قال مصدر حكومي أردني رفيع المستوى، إن ملامح الصفقة أصبحت واضحة من خلال ما يصدر عن البيت الأبيض، وما ينشر في الإعلام الإسرائيلي، إلا أن الحكومة الأردنية لم تطلع على تفاصيل الصفقة. وأشار إلى أن الحديث عن الإعلان عن "صفقة القرن" كان يطرح من خلال الإعلام، فيما رجّح أن يكون الطرح الأميركي فيه جدية هذه المرة وفقاً للتوقيت الذي تحدث عنه ترامب. وأكد المصدر في الوقت نفسه موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية، وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.