محمد أمين

تتسارع وتيرة الاجتماعات ومشاورات الأيام الأخيرة لمختلف الأطراف، تحضيراً لجولة مفاوضات سورية جديدة في جنيف، من المقرر لها أن تبدأ يوم الخميس. فقد أنهت الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاتها بالرياض، بينما تعقد الهيئة السياسية للائتلاف، اجتماعاً تشاورياً أخيراً قبل بدء جولة التفاوض.
في موازاة ذلك، تصاعد التوتر في العلاقات بين المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، والنظام السوري، إذ رفض الأخير استقبال دي ميستورا الذي كان يعتزم زيارة دمشق، بسبب تصريحاتٍ قال فيها، إنه لا يمكن وضع دستور جديد لسورية بوجود النظام الحالي. ورفض النظام استقبال المبعوث الأممي إلى سورية، الذي كان من المقرر أن يلتقي مسؤولين في النظام يوم الخميس في دمشق. 
وذكرت مصادر إعلامية مقربة من النظام، أن الأخير مستاء من تصريحات المبعوث الأممي، التي أشار فيها الى أنه ليس من الممكن كتابة دستور جديد للبلاد في ظل النظام الحالي. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر في النظام أن دي مستورا «بات شخصاً غير مرحب به في دمشق لا اليوم ولا في المستقبل». 
لكن في موازاة ذلك، كان لافتاً إعلان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي، ليونيد سلوتسكي، يوم الاثنين، أن الوفد الذي يزور سورية حالياً، الذي يضم عدداً من نواب مجلس الدوما الروسي وممثلين عن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بحث خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، مسألة تشكيل لجنة للعمل على الدستور السوري في مفاوضات جنيف، وكذلك تشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري.
وأوضح سلوتسكي «أن الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري لقيادة تحولات نوعية في الحوار السوري ـ السوري، وذلك وفقاً لمطالب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا». وأضاف: «بحثنا التفاصيل المتعلقة بالعملية الدستورية وتشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري، وسيترتب علينا الآن بحث هذا مع رئيس البرلمان هدية عباس». كما نقل عنه قوله إنه لا يمكن تحقيق عملية مصالحة حقيقية في سورية من دون إقامة مناطق حكم ذاتي للأقليات. من جهته، قال زعيم كتلة حزب «روسيا الموحدة» في مجلس الدوما الروسي، فلاديمير فاسيلييف، إن وفداً من برلمانيي مجلس الدوما الروسي، وممثلي الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بحث مع الرئيس السوري بشار الأسد، مسائل مبادلة الأسرى وكذلك إقامة مناطق حكم ذاتي قومي. 
ويوحي رفض النظام اللقاء مع الموفد الأممي، بنيّته العمل على زرع عراقيل من شأنها نسف المسار التفاوضي في جنيف، أو على الأقل إغراقه في التفاصيل، في محاولة لكسب الوقت لتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، وفرض رؤية جديدة مخالفة للقرارات الدولية ذات الصلة. ويسعى النظام إلى التملص من استحقاقات التفاوض الرئيسية، وعلى رأسها مسألة الانتقال السياسي، الذي يمسّ وجود النظام ورئيسه. وتزداد مهمة المبعوث الأممي صعوبة، خصوصاً في ظل تصلّب النظام وحلفائه، ومحاولتهم تهميش العملية التفاوضية في جنيف،  بعيداً عن مظلة الأمم المتحدة. 
أما بالنسبة للمعارضة السورية، فيبدو أن جدول أعمال الجولة الجديدة من المفاوضات، حقق جزءاً مهماً من مبتغاها، خصوصاً لجهة تثبيت مسألة الانتقال السياسي كأولوية في التفاوض. لكنها لا تزال ترفض تزامن التفاوض مع القضايا الأخرى كالانتخابات، والدستور، والإرهاب. وذكر عضو الهيئة العليا للمفاوضات، أحمد العسراوي، أن وفد المعارضة سيصل يوم الأربعاء إلى مدينة جنيف السويسرية، بعدما أنهى اجتماعات مكثفة، عُقدت على مدى أيام في العاصمة السعودية الرياض.
في غضون ذلك، تستمر النقاشات، التي تشوبها خلافات «تنظيمية»، بين الائتلاف الوطني السوري والهيئة العليا للمفاوضات على خلفية طلب الائتلاف استبدال ممثلين اثنين من أعضائه في الهيئة بعضوين آخرين، وهو ما رفضته الهيئة التي أكدت أن استبدال أي عضو يحتاج إلى موافقتها. وذكرت مصادر في الائتلاف أن الهيئة السياسية داخله، طلبت دخول الأمين العام للائتلاف عبد الاله الفهد مع بدر جاموس، كممثلين للائتلاف، عوضاً عن منذر ماخوس وسالم المسلط، لكن الهيئة رفضت ذلك. 
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن توقيت الخلاف لا يصبّ في صالح قوى الثورة والمعارضة، خصوصاً أنه جاء قبيل أيام فقط من جولة تفاوض جديدة. واستبعدت المصادر أن ينعكس هذا الخلاف على أداء الوفد المفاوض، مشيرة إلى أنه لدى الوفد محددات يعمل من خلالها. وأوضحت أن الخلاف بين الائتلاف والهيئة «إجرائي بحت، ولا يمس الثوابت الوطنية»، وهناك مساعٍ لاحتوائه قبل أن يتطور أكثر. من جهته، قلل عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، أسامة تلجو، من أهمية الخلاف مع الهيئة. وأشار إلى أنه متعلق بـ«مجرد إجراءات إدارية».