تشير الخطوات الاحتجاجية التصعيدية الأخيرة إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قررت مجابهة إجراءات وتهديدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الهادفة لإرغام الحركة على استرجاع القطاع لحضن السلطة الوطنية الفلسطينية.
الحركة التي بدأت تظاهراتها الاحتجاجية ضد اقتطاع السلطة ثلث المستحقات الشهرية لعشرات آلاف الموظفين من أبناء قطاع غزة، باتت تدرك أن الرئيس عباس مقبل على اتخاذ إجراءات أخرى ستطاول قطاعات حيوية مهمة، كالكهرباء والصحة والتعليم وغيرها.
ويفتح تأزم الخلاف الأخير بين السلطة وحماس حول مستقبل إدارة قطاع غزة، الباب لكثير من التساؤلات عن الخيارات السياسية والاقتصادية التي يملكها كلا الطرفين لإخضاع الآخر.
ويؤكد القيادي في الحركة وأحد الناطقين باسمها إسماعيل رضوان، أن حماس ستجابه إجراءات الرئيس عباس المعادية للشعب الفلسطيني، بالاحتجاجات والنزول إلى الميادين والساحات العامة للتعبير عن رفضها.
فصل غزة
ويضيف أن حركته بدأت وضع كافة الفصائل الوطنية والإسلامية في صورة موقفها حيال تهديدات الرئيس للقطاع وما سينجم عنها من أزمات، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الحركة مستعدة لحوار شامل مع السلطة وحركة فتح بمشاركة الفصائل الفلسطينية ضمن الإطار الوطني.
ويحذر رضوان من حصر حركة حماس وقطاع غزة في الزاوية، ويعتبر أن قطع رواتب الموظفين وافتعال أزمة الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، يصب في إطار فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ضمن مشروع إقليمي دولي لتصفية القضية الفلسطينية.
القيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أمين مقبول، رفض الحديث المسبق عن ماهية « الإجراءات» التي سيلجأ إليها عباس حيال القطاع، معتبراً أن الحديث عنها سابق لأوانه. وأعرب عن أمله في أن يتمكن وفد حركة فتح المتوقع وصوله لغزة من معالجة الإشكاليات القائمة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنهاء مأساة الانقسام استناداً إلى المقترح القطري الذي يقوم على إيجاد حلول لمشاكل موظفي قطاع غزة، والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتفعيل المجلس التشريعي.
تحول واضح
ورغم أن تصريحات رضوان ومقبول لا تحمل صورة واضحة لما ستؤول إليه الأوضاع خلال الفترة القريبة القادمة، فإنها تشير بشكل أو بآخر إلى أن التأزم واحتمال التصعيد من السيناريوهات الأكثر ترجيحاً.
وفي هذا السياق؛ يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة ناجي شراب، إن العلاقة السياسية بين حركة حماس وحركة فتح والسلطة الفلسطينية وصلت إلى طريق اللاعودة، ويتوقع أن تبدأ السلطة الفلسطينية بتقليص الدور المنوط بها اقتصادياً وخدماتياً في غزة، بغية خلق قوى داخلية ضاغطة على حركة حماس.
ويرى شراب في إعلان رئيس السلطة الفلسطينية بشكل واضح وصريح عن اتخاذ خطوات غير مسبوقة لإنهاء الانقسام، تحولاً واضحاً في الموقف السياسي للسلطة التي بيدها الكثير من الوسائل والأدوات للضغط على حركة حماس.
ويتفق المحلل السياسي مؤمن بسيسو مع شراب في أن حماس لا تملك خيارات فاعلة لمواجهة قرارات الرئيس وإجراءاته بحق غزة، ليس فقط للاعتبارات السياسية السالفة الذكر، بل لأن اقتطاع الرواتب وغيرها من الأزمات سينعكس سلباً على الحركة المعيشية والتجارية والاقتصادية في القطاع.
ويقلل بسيسو من فرص توصل حماس لنقاط مشتركة مع السلطة لتجنيب قطاع غزة ويلات المعاناة المقبلة، مشيراً إلى أن الحركة لا تملك مقومات مالية واقتصادية لمجابهة تهديدات عباس في حال تنفيذها.}