العدد 1376 / 4-9-2019

في الذكرى المئوية لتأسيس دولة لبنان، يحلو للبعض أن يحاول سلخ اللبنانيين عن تاريخهم الحقيقي وتشويش أذهانهم عن موقع لبنان بين الأمم. وفي هذا السياق لا بد من التأكيد على الحقائق التالية:

١- لبنان الذي ارتضينا جميعاً وبإرادتنا أن نعيش فيه وطناً نبذل الغالي والنفيس لرفعته ونهضته والحفاظ على سيادته لا يمكن له أن يكون جزيرةً معزولةً عن محيطه وامتداده الطبيعيين أي العالمين العربي والإسلامي.

٢- الدولة العثمانية هي جزءٌ من تاريخنا الذي نعتز به ونفتخر، وقد كنا يوماً جزءاً من هذه الدولة ولبنان لم يتشكل بعد، وقد أقامت حضارةً احترمها القاصي والداني في تلك الأيام، فجاءتنا بالكهرباء وشبكة القطارات والمدارس والمستشفيات وغير ذلك مما نعاني من افتقاده اليوم.

٣- الدولة العثمانية لم تكن يوماً دولةً ارهابية او دولة احتلال، وكيف يكون ذلك ولبنان الدولة لم يكن موجوداً بعد حتى يعتبره البعض في ذاك الزمان محتلاً، ولم تفرض علينا تغيير لغتنا وعاداتنا، ولم تضطهد فيها أي مكونٍ من المكونات بدليل انتشار المساجد والكنائس التاريخية في بلادنا والتي حافظت عليها الدولة العثمانية.

٤- الارهاب الحقيقي في ذاك الزمان كان الاحتلال الفرنسي الذي انتفضت في وجهه جميع المكونات اللبنانية فكانت ثورة الاستقلال التي نحتفل بها كل عام، وكان اللون الأحمر الذي يزيّن علمنا ليذكّرنا بدماء شهداء الاستقلال وتضحياتهم من أجل الوطن.

٥- إن بناء الأوطان لا يكون بالتعبير عن أحقادٍ دفينة تجاه الآخرين، ولا بالإساءة لمشاعر الشركاء في الوطن، ولا بمحاولة تصغير الآخرين وتشويه صورتهم للظهور بمظهر الكبير او صاحب الصورة الحسنة، بناء الاوطان يكون باحترام الإنسان صاحب الكفاءة وتقديمه للاستفادة من كفاءته لا تقديم المتزلّف للمسؤول، ويكون ببناء المجتمع المتضامن المتكافل المنتج وتأمين احتياجاته الأساسية وليس بتقسيمه الى انتماءاتٍ طائفية ومذهبية مقيتة، ويكون ببناء اقتصادٍ انتاجي حقيقي وليس الاكتفاء باقتصاد ريعي يسهّل المحاصصة والفساد بأشكاله المتعددة، وأخيراً يكون بنشر العدالة في ربوعه حقيقةً وليس شعاراتٍ يخالفها الواقع والممارسة.