العدد 1401 / 19-2-2020

تمرُّ علينا ذكرى تحرير مدينة صيدا هذا العام والوطن يعيش أزمات متعددة ومتلاحقة وغير مسبوقة على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحياتية، مما وضع البلاد على حافة الانهيار بسبب السياسات التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة والتي لا زال عدد من أحزابها يمارس نفس النهج وإن بأسماء أخرى غير آبهٍ للهبّة الشعبية الكبيرة التي انطلقت في ١٧ تشرين الأول من العام المنصرم والتي لا زالت مستمرة حتى الآن وهي ترفع شعارات محاربة الفساد وتطالب بالاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

في ذكرى تحرير صيدا نؤكد أن بشاعة الاحتلال وظلمه وما تسبب به من مآسي ودمار قد لا يكون أصعب من الأوضاع التي تعيشها البلاد في هذه الأوقات إن لم يتم تداركها ومعالجة أسبابها ومحاسبة كل المتسببين بحدوثها واستعادة كل الأموال المنهوبة من خزينتها.

خمس وثلاثون من السنين مرّت على اندحار العدو الصهيوني عن تراب مدينتنا الغراء. وبُعد السنين عن الحدث لم يلغ أهميته، والأجيال اللاحقة لم تنسَ للجيل الذي صنع الانتصار إقدامه وتضحياته.

تحرير صيدا لم يكن حدثاً عادياً؛ فقد كان بداية اندحار عدوانٍ حشد له العدو الصهيوني عام 1982 مئة ألف مقاتل وأسراب من الطائرات وجحافل من المدرعات. والـ 985 يوماً التي قضاها الاحتلال في صيدا؛ علّمته أن أهل هذه المدينة لا يخضعون لمحتل ولا يركنون لظالم، وأنهم فئة آمنوا بربهم، ولا يرضون الضيم في دينهم ووطنهم وأهلهم.

ورغم قساوة أيام الاحتلال والدمار العمراني والنفسي الذي خلفه، والمجازر والجرحى والمبعدين والمعتقلين؛ فقد سطّر أبناء صيدا بدمائهم صفحات من نور ونار. سطّروا في 27/12/1983 "ملحمة" المواجهة البطولية في القيّاعة بين وحدة النخبة في جيش الاحتلال ونخبة أبطال "الجماعة الإسلامية" – قوات الفجر- (جمال حبال ومحمود زهرة ومحمد علي الشريف)، وتلاها خروج المدينة كلها وراءهم؛ تشييعاً وتأييداً، وموقفاً تصّدره مفتي المدينة الراحل الشيخ محمد سليم جلال الدين (رحمه الله) بتبني شهداء الجماعة واعتبارهم شهداء الدين والوطن.

في ذكرى تحرير صيدا تؤكد "الجماعة الإسلامية" على ان صيدا، كانت ولا تزال، وستبقى مدينة الإباء والمقاومة والأصالة والانفتاح، وموئل الشرفاء ومقتل الفتن، أثبتت ذلك عبر التاريخ، وأكّد ذلك حضورها في كل المحطات الوطنية، من خلال قياداتها وقواها السياسية المختلفة.

في ذكرى تحرير صيدا؛ تحية إلى صيدا وأهلها.. إلى رجالاتها وأبطالها.. وكل من رفع اسمها عالياً بين المدن.