في بيروت عاصمة الحوار والحرية، انعقدت الدورة العاشرة للمؤتمر القومي – الإسلامي يومي 18 و 19 تشرين الثاني 2017، بحضور 120 عضواً ومراقباً يمثلون العديد من ألوان الطيف الفكري والسياسي العربي، حيث تدارس أعضاؤه جوانب العلاقة بين التيارين الرئيسيين في الأمّة، في ضوء تقرير قدّمه المنسق العام الأستاذ خالد السفياني، وتداولوا في التطورات السياسية العربية والإقليمية والدولية في ضوء تقرير المنسق العام السابق للمؤتمر الأستاذ منير شفيق، وفي ضوء مداخلات الأعضاء، ورأوا ما يأتي:
1- أكّد المجتمعون أهمية استمرار الحوار والتكامل بين تيارات الأمّة على القاعدة التي اعتمدها المؤتمر منذ انطلاقه قبل 23 عاماً، وهي أن نعمل معاً وفق ما نتفق عليه، وأن نعذر بعضنا في ما نختلف فيه، فيما عرض عدد كبير منهم وجهة نظره في الأوضاع الحالية، وفي الأزمات الحادة التي تشهدها العديد من أقطار الأمّة في جو ديمقراطي يعبّر عن إدراك الجميع أن من حق كل عضو أن يدلي بما يراه، ولكن ليس من حقه أن يفرض رأيه على الآخرين.
2- أجمع المشاركون على أن قضية فلسطين هي القضية الأقدر على أن تجمع حولها كل تيارات الأمّة، لا سيّما في هذا الظرف السياسي الخطير الذي يجري فيه استهداف هذه القضية ومحاولة تصفية حقوق الشعب الفلسطيني وضرب حركات المقاومة التي باتت تشكل تهديداً جدياً لوجود العدوّ، سواء من الجنوب في غزّة أو الشمال في جنوب لبنان، أو عبر الانتفاضة المتجددة في القدس والضفة وفلسطين المغتصبة عام 1948، ويجدد المؤتمر تنديده لكل أشكال الحصار على قطاع غزة ويطالب برفعه الفوري.
3- رأى المجتمعون أن قضية فلسطين لا يمكن تصفيتها إلا بالإجهاز على المقاومة ومحاصرة حركاتها وشيطنتها وصولاً إلى وصمها بالإرهاب، وهو ما أدانه المؤتمرون وأكّدوا رفضهم له رفضاً باتاً، مؤكدين ضرورة التزام المقاومة كثقافة ونهج، وصونها كسلاح باعتبارها الوسيلة الوحيدة الأسلم والأفعل لدحر الاحتلال وردع العدوان.
4- في هذا الإطار، دعا المجتمعون إلى إطلاق أوسع حملة شعبية عربية وإسلامية في مواجهة ما يسمى «صفقة القرن» التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من خلالها إلى تصفية قضية فلسطين، بل وتحاول إعادة ترتيب الأوضاع العربية بما يكفل تمكين الهيمنة الصهيو – استعمارية من فرض نظامها ومشاريعها على المنطقة بأسرها.
5- إذ أبدى المجتمعون ارتياحهم للمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، فقد شددوا على ضرورة ربط الوحدة الوطنية بالمقاومة، فالأولى تعزز الثانية، والثانية تحصن الأولى، وتطلع المجتمعون إلى استكمال المصالحة الثنائية باتفاق فلسطيني شامل لكل الفصائل والشخصيات الفلسطينية، لا سيّما اجتماع القاهرة المزمع انعقاده في 21 الجاري.
6- أعاد المجتمعون تأكيد التمسك بثوابت الشعب الفلسطيني، وفي مقدمها التحرير الكامل وحق العودة غير الخاضع للتصرف، وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على أرض فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس، معتبرين أن الطريق للحفاظ على هذه الثوابت يمرّ بإسقاط كل المعاهدات والاتفاقات المعقودة، علناً وسراً، مع الكيان الصهيوني بدءاً من معاهدة كمب دايفيد إلى أوسلو ووادي عربة وصولاً إلى إغلاق مكاتب الاتصال وأشكال التطبيع.
7- أدان المجتمعون كافة محاولات التطبيع مع العدوّ الصهيوني التي تقوم بها بعض الأنظمة العربية وبعض عملاء المخابرات الصهيونية، وتشكّل غطاء لتسلل العدوّ إلى نسيج الأمّة ومجتمعاتها من خلال ذرائع متعدّدة وحجج واهية كالسياحة الدينية، والعمل الفني والرياضي والعلمي والعلاقات الاقتصادية والفلاحية والتجارية... الخ، وذلك في إطار الجهود التي تبذل للاعتراف بالكيان الصهيوني وفرض وجوده في المنطقة (...).
8- أكد المؤتمرون دعوة القوى السياسية اليمينة إلى حوار شامل للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، واستناداً إلى ما تم من توافق يمني، وبما يحفظ وحدة اليمن أرضاً وشعباً. وأكّد المؤتمرون على تفعيل المبادرة التي أطلقها المؤتمر القومي – الإسلامي للحوار في اليمن، وكلف المنسق العام بمتابعة الأمر.
9- أكّد المجتمعون أنه في وجه محاولات إثارة الفتن الأهلية وإشعال الحروب داخل أقطار الأمّة والسعي إلى تقسيم الكيانات الوطنية وتفتيت مجتمعاتها، وضرب جيوشها، وقتل شعوبها، لا بدّ من رصّ الصفوف وتضافر الجهود، وتجاوز الانقسامات العابرة، واعتماد الحوار والحلول السياسية كطريق لخروج هذه الأقطار من أزماتها ومحنها (...).
10- في الوقت الذي شدّد فيه المجتمعون على ضرورة تعزيز الروابط الثقافية والحضارية والإنسانية بين أبناء الوطن العربي ودول الجوار الإسلامي، دعوا إلى إيلاء اللغة العربية اهتماماً خاصاً ومواجهة كل المشاريع الهادفة إلى تهميشها وإضعاف أثرها كأداة تواصل ثقافي وحضاري وعلمي بين ابناء العروبة والإسلام.
وكلف المؤتمر لجنة المتابعة بالتواصل مع كل المهتمين والعاملين في مجال حماية اللغة العربية والدفاع عنها.
11- أكّد المجتمعون أن من أبرز مهمات المؤتمر القومي – الإسلامي وسائر المؤتمرات والهيئات الشقيقة هو نشر الوعي وتحصين المجتمعات بوجه آفات التحريض الطائفي والمذهبي والعنصري التي تروج لها جهات مشبوهة وتستفيد من مناخاتها قوى الغلو والتوحش والتكفير في المنطقة... إن المؤتمر القومي – الإسلامي إذ يدرك دقة المرحلة وصعوبة التوافق بين مكوناته على نظرة موحدة لمختلف القضايا والأزمات المطروحة، يشدّد على أن دورته الأخيرة شهدت تقدماً واضحاً على طريق تضييق الفجوة بين أعضائه، آملاً أن تسمح التطورات القادمة من خلال حوار جدي وهادف بالوصول إلى تطابق أكبر في الرؤى والمواقف انطلاقاً من تجربة تاريخية تؤكّد أنه ما من مرّة تلاقت مكونات الأمّة وتياراتها وأقطارها، إلاّ وكتب لأمّتنا النصر، وما من مرّة جرى التباعد والتنابذ والتناحر إلاّ وكتب على هذه الأمّة النكسات والهزائم.}