لم يكن الفرح والابتهاج بإطلاق سراح محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، أقل من الحزن والامتعاض بعد احتجازه من قبل إيطاليا على خلفية مطالب مصرية عبر الشرطة الدولية (إنتربول) باعتقاله وتسليمه.
فبين تدوينته الأولى مساء الثلاثاء التي قال فيها إن الشرطة الإيطالية تحتجزه منذ ثلاث ساعات قرب مدينة كاتانيا بطلب من السلطة المصرية، وترفض الإفصاح عن التهم الموجهة له، وإطلاق سراحه؛ عمّ مواقع التواصل الاجتماعي ما يوصف «بمظاهرات» عارمة شارك فيها الآلاف، عبر عشرات آلاف التغريدات المطالبة بالإفراج عنه وممارسة أقصى الضغوط القانونية والإعلامية والسياسية على الحكومة الإيطالية لإطلاق سراحه.
وكما امتلأت فضاءات التواصل الاجتماعي بالدعوة للإفراج عنه؛ غصت أيضاً بالتهنئة والابتهاج بعد استرداده حريته؛ حيث تنفس المغردون الصعداء بعد أن خفقت قلوبهم خوفاً من تسليمه للنظام المصري، أو استخدامه من قبل الإيطاليين كورقة مقايضة في قضية الشاب الإيطالي القتيل جوليو ريجيني.
بين محسوب وريجيني
وبعد أن استعاد محسوب حريته، وتجاوز المغردون صدمة الاحتجاز ومخاوف التسليم، طفقوا يعددون دروس التجربة ودلالاتها، لا سيما ما يتعلق بمستقبل تعامل الأنظمة الغربية مع طلبات القضاء المصري.
في البداية توقف عدد من المغردين مع تعامل الشرطة الإيطالية مع محمد محسوب، في مقابل تعامل الأمن المصري مع المواطن الإيطالي ريجيني الذي اختطف وقتل في مصر قبل أكثر من عامين وعثر على جثته مشوّهة، وما زال الإيطاليون يحاولون فك طلاسم تلك القضية دون جدوى.
وقال المغرد والحقوقي المصري جمال عيد إن الإيطاليين عاملوا محمد محسوب كما لو كان إيطالياً، بينما عذب المصريون جوليو ريجيني وقتلوه كما لو كان مصرياً. وتساءل المغرد طارق الدسوقي: تخيلوا لو كان محمد محسوب تم احتجازه في بلد عربي!!
وبينما انتشى المغردون الموالون للنظام في مصر باحتجاز محسوب، وسادت خيبة أمل كبيرة بينهم بعد الإفراج عنه في أقل من 24 ساعة دون محاكمة ولا توجيه تهم، ودون التفات إلى طلبات النظام المصري بتسليمه. وحرصت وزارة الخارجية المصرية على تبرير فشلها في إقناع الإيطاليين بتسليمه بتغريدة قالت فيها إن الإفراج عنه جاء بسبب حمله الجنسية الإيطالية، قبل أن تسحب تلك التغريدة، وإن بقي التبرير ذاته يتردد في أوساط المغردين الموالين للنظام المصري، بيد أن وسائل إعلام ومغردين عديدين نقلوا عن محسوب نفيه المطلق لحمله الجنسية الإيطالية، ومطالبته بالدليل على ذلك الادعاء.
مطاردة خارج «الأسوار»
ومن الدروس التي توقف عندها بعض المغردين إصرار النظام المصري -في ما يبدو- على نقل معاركه السياسية والأمنية والقضائية مع خصومه السياسيين إلى خارج الوطن، بعد أن وضع يده –بحسب هؤلاء المغردين- على معظم معارضي الداخل وزج بهم في السجون والمعتقلات بتهم أغلبها يتصل بالإرهاب والمشاركة في زعزعة أمن البلاد واستقرارها.
وبالنسبة إلى الوزير محسوب، فكما غرد بداية مخبراً باحتجازه؛ عاد بعد الإفراج عنه شاكراً ومتمنياً ومتعهداً: «لا أملك ما أشكر به كل هذه القلوب الطيبة التي أحاطتني بتضامنها ومشاعرها الدافئة.. إلا أن أعاهدها بألا أتخلى عن قضايانا العادلة ما حييت.. الحرية والكرامة والعيش الكريم والعدل.. أقبّل كل يد ارتفعت بالدعاء.. وكل قلب لهج بمشاعر الود.. وكل من اجتهد بجهد أو تفضل بوقت.. دينكم لا ينسى».}