الأمين العام للجماعة الإسلامية عزام الأيوبي في حوار خاص مع قناة الرافدين: الجماعة لم تتلقّ دعماً خارجياً لأنه لا يتناسب مع واقعها أن تكون في جيب أي من القوى الإقليمية.

على أصحاب الحسابات الشخصية أن يتراجعوا إلى الوراء خطوة.

الولايات المتحدة تستفيد من التمدد والنفوذ الإيراني في المنطقة.

المشروع العربي غائب أمام المشروع الإيراني.

قال الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الأستاذ عزام الأيوبي إنّ الجماعة الاسلامية تتعاطى بهدوء ورزانة في كل الملفات الساخنة اللبنانية على الرغم من أن الجماعة تصنّف لدى الجميع من ضمن منظومة ما يسمى بالاسلام السياسي الذي يعيش واقع قاسي منذ أكثر من ثماني سنوات، وهذا ما يحتُم على الجماعة أن تتعاطى بحكمة في التعاطي مع كل الملفات.

الأيوبي وفي حوار خاص مع قناة الرافدين قال: اذا أردنا تقييم اداء الجماعة في هذه الفترة هناك مستويان يتم التقييم على أساسهما بشكل منطقي. التقييم الأول العام الذي يقارن القوى السياسية ببعضها البعض وهذا قد لا يعطي الصورة الحقيقية. والتقييم الثاني هو الانخراط في المجتمع والتجذُر والانتشار، والجماعة من هذه الناحية منتشرة ومتجذّرة في المجتمع اللبناني، في حين أنه هناك كثير من القوى صعدت ثم اختفت ولا يُعرف أين هي. فالجماعة ثابتة ومتجذرة في المجتمع.

واذا عُدنا الى المعيار الأول في التقييم، نجد أن الجماعة ليست في الخارطة السياسية وهذا يرجع الى الامتداد الاقليمي الذي تفتقده الجماعة كباقي القوى السياسية.

واعتبر الأيوبي أنّ الحضور السياسي للقوى اللبنانية قائم على القوة المُستمدة من الخارج، وهي نتيجة تصارع بين المشاريع على الساحة اللبنانية. في حين أن الجماعة لم تتلقّ دعماً خارجياً لأنه لا يتناسب مع واقعها أن تكون في جيب أي من القوى الإقليمية.

ومن ناحية ثانية، القوى الاقليمية نفسها لم تجد في الجماعة ما يجعلها تنفّذ أجندتها عبرها.

ورأى الأيوبي أن القوى السياسية اللبنانية تكاد تكون منقسمة كليا، بينما الجماعة تجد نفسها في موقع لا تُحسد عليه، فهي من ناحية كانت تجد في قوى الثامن من آذار حليفاً غير تقليدي من ناحية المواجهة والصراع مع المحتل الاسرائيلي. وفي نفس الوقت تجد أن هذا المشروع في مكان ما يعيق قيام الدولة التي تؤمن بها الجماعة الاسلامية وهي دولة المواطنة غير المستندة الى الوظائف الطائفية والتي تجعل من الطوائف دويلات. وكذلك الارتباط الوثيق بين هذه المجموعة وبين النظام السوري الذي كان يرى لبنان مزرعة لتحقيق مآربه.

بالمقابل قوى الرابع عشر من اذار كانت تلتقي مع الجماعة في هذه الناحية، لكن في نفس الوقت تمثل هواجس كبيرة للجماعة فيما يتعلق في مستقبل الواقع اللبناني في منظومة القيم. ومحاولة أخذ لبنان الى القيم الغربية التي تريد أن تهدم القيم التي قام عليها لبنان والمنطقة ككل.

لذلك موقع الجماعة في الاختيار صعب جداً، وهذا ما أظهرها امام المجتمع اللبناني وكأنها بدون لون، وربما هذا أفقدنا شعبية في ظل الانقسام. لذلك بقينا خارج منظومة 8 و 14 اذار.

وقال الأيوبي إنّ علاقة الجماعة بتيار المستقبل تحكمها ناحتان. الناحية الاولى وهي الناحية المشتركة في المساحة التي نعمل بها سياسياً ضمن بيئة للأسف الشديد هي بيئة طائفية. فالتيار والجماعة في البيئة السنّية وهذا ما يجعل من الفريقين يلتقيان. لذلك نحن نريد أن نجنّب أنفسنا نتائج أي تنافس غير محمودة عقباه في الساحة السنّية ولكن نريد تكاملاً فيها. فعلاقتنا اليوم هي علاقة قائمة على حماية البيئة السنّية اليوم.

وحول سؤال عن التيار السلفي في لبنان قال الأيوبي: التيار السلفي تيار محترم بنظرنا ونحن وإياهم في حالة تعاون في مسارات كثيرة في لبنان ونرى فيهم مكوّنا مكملاً في أي رؤية أو هدف نأمل الوصول اليه، فتجربة هيئة علماء المسلمين على سبيل المثال لا الحصر تجربة رائدة لنا مع التيار السلفي وغيره.

ورأى الأيوبي أن الأزمة في لبنان ليست داخلية بحتة، مع العلم ان الطبقة السياسية في لبنان تتحمّل المسؤولية كاملة، لكن الأزمة متعلقة بالخارج وارتهان القوى الى الخارج والحسابات الأمريكية والاوروبية والايرانية وغيرها.

الواقع اليوم في الساحة اللبنانية ينتظر تفاهمات اقليمية ودولية للأسف الشديد لأن الداخل لا يقدّم ولا يؤخّر، إلّا في حال انسلخ الجميع عن الارتهان للخارج.

وقال الأيوبي إنّ الجماعة أطلقت مبادرة في 2019 عقب تحركات 17 تشرين وهي نفس المبادرة التي قدمتها فرنسا منذ الصيف الماضي فيما بعد وأيّدتها كل القوى السياسية وقتها، وهي حكومة محايدة والعمل على تغيير جذري في المنظومة السياسية عبر انتخابات نزيهة. وهذه المبادرة (مبادرة الجماعة) راعت القراءة المنطقية والواقعية للداخل اللبناني، ليصبح لبنان أكثر وطنية وأكثر بعداً عن الطائفية التي تمزق لبنان الى كانتونات.

وعن حزب الله، قال الأيوبي إنه اليوم من القوى الرئيسية في لبنان.

والعلاقة مع حزب الله ليست علاقة سهلة ، تحكمها مجموعة عوامل، فمن جهة حزب الله هو شريك أساسي في عملية المواجهة مع المحتل الاسرائيلي، وبالمقابل حزب الله كان الى جانب النظام السوري الذي قتل وقمع وهجّر الشعب السوري اثر ثورته.

لذلك لم يكن من السهل ادارة العلاقة، لكن مؤخراً قمنا بتقييم علاقتنا مع الحزب، فوجدنا أن التهديد الاسرائيلي وخاصة اثر صفقة القرن وما تشكله من تهديد على لبنان والمنطقة ككل. لذلك أعدنا النظر في علاقتنا مع حزب الله وخاصة ما يتم دحرجة البلد له وهو اشعال احتقان طائفي، لذلك قدّمنا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة واعدنا النظر الى طبيعة العلاقة، وهي فيها حوار ولم نصل بعد الى نهايات. وهو قائم على نقطتين أساسيتين، الاولى ايجاد مشتركات في ادارة المشهد اللبناني واستيعاب الحالة المتعددة في لبنان، والثانية الابقاء على مواجهة الكيان الاسرائيلي كأولوية لا تتقدم عليها اولويات. فنحن نحاول أن تكون العلاقة مع حزب الله وايران علاقة تأثيرها تأثير ايجابي ليس على لبنان فقط بل على المنطقة ككل.

ورأى الأيوبي أن امريكا أوصلت العراق والمنطقة الى حالة صراع حتى تبقى متربعة في المنطقة وتتحكم بخياراتها، وللأسف العمق الاستراتيجي لنا، وأقصد الخليج، لم يكونوا على قدر المرحلة بل انخرطوا تماما في المشروع الامريكي.

فنحن إما أن نبقي هذه العلاقة تستنزف طاقات الأمة أو أننا نحاول بطريقة أو بأخرى أن نعيد ايجاد قواسم مشتركة تعيد الأمور الى نصابها. وأشار إلى أنّ أحداً لا يستطيع أن يلغي الاخر.

واعتبر الأيوبي أنه طالما أولويات الخليج أن الاسلام السياسي هو العدو رقم واحد وطالما يعملون على الغاء هذا المكون لن نصل الى نتيجة. لكن اذا عادوا الى رشدهم واقتنعوا ان الخلاص بالالتحام مع الشعوب فالمعادلة عندها تتغيّر.


لمتابعة الحلقة كاملة على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=nrO9RAbF_20